الأحد، 4 أكتوبر 2009

سيادة الرئيس زين العابدين بن علي

 سيادة الرئيس زين العابدين بن علي
الدكتور أحمد العش حرا طليقا..
رسالة غير مدفوعة الأجر إلى المرتزقين الجدد

بقلم : نبيل الرباعي *
إن المواكب للشأن السياسي في تونس، تابع حتما عودة المغترب الدكتور أحمد العش التونسي المولد والحاصل كذلك على الجنسيّة الفرنسيّة إلى أرض الوطن يوم 30 جويلية 2009 الفارط، بعد أن قضى قرابة العشرين سنة في الغربة. جاءت العودة رغبة منه في تسوية وضعيته القانونية عبر الاعتراض على أحكام جنائية غيابية صدرت ضده بعد مغادرته البلاد.
أما فيما يخص الأحكام فهي صادرة في قضيتين منفصلتين. الأولى عن المحكمة الابتدائية بتونس، والقاضية بسجنه مدة ثمانية سنوات والثانية عن المحكمة الابتدائية بصفاقس، أين مسقط رأس الدكتور أحمد العشّ، والقاضية بسجنه مدة أربعة سنوات بتهمة "الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها" وهي حركة النهضة التونسية.
إضافة إلى الغاية الأولى فقد جاءت الزيارة رغبة منه في معاودة الاتصال بذويه وخاصة والده المريض والمسن وبجميع أقاربه ومعارفه الذين اشتاقوا إليه كما اشتاق إليهم. مع وجوب التذكير أنه مواطن تونسي له كل الحق في الاشتياق إلى بلده الأصلي، الذي قضى به جزءا غير يسير من حياته.
كان اليوم الموعود، حيث حطّت طائرته بمطار تونس قرطاج الدولي ووطئت قدماه الأرض التي فارقها منذ قرابة العشرين سنة خالي البال من أي مفاجآت غير سارة قد تحدث له في أول ملامسة له لأرض الوطن وبعد إتمامه الإجراءات الديوانية المعتادة وعند عبوره للحاجز الأمني بالمطار فوجئ بالأعوان يقتادونه إلى مركز الأمن هناك، ثم توجهوا به إلى المحكمة الابتدائية بتونس للاعتراض على الحكم السابق ذكره، ثم مباشرة إلى السجن المدني بالمرناقية بأحواز تونس العاصمة، في انتظار المثول أمام الدائرة الجنائية الصيفية برئاسة القاضي اليساري التوجه والغني عن التعريف في تصفية الإسلاميين قضائيا محرز الهمامي (شهر بوقة في فترة دراسته الجامعية وصاحب السابقة الوحيدة في تاريخ القضاء التونسي بإصدار الأمر إلى الأمن الموجود بقصر العدالة بتونس لضرب المساجين السلفيين في قضية سليمان على مرأى ومسمع من المحامين والأولياء).
الجدير بالذكر أنه وقع تعيين جلسة الاعتراض خلال أربعة أيام فقط، وهي مدّة قصيرة جدّا قياسًا بالإجراءات المعمول بها عادة. عند مثوله أمام الهيئة القضائية للدائرة الجنائية الصيفية بالجلسة الثانية وكانت جلسة حكمية وقع إقرار حكم البداية مع تعديل نصه وذلك بالحط من العقاب البدني المحكوم به إلى أربعة سنوات نافذة وبعد استئنافه لهذا الحكم وفي أثناء انتظار تعيين جلسة الاستئناف تم نقله إلى مدينة صفاقس أين قام بالاعتراض على الحكم الغيابي الثاني الصادر ضده والقاضي بسجنه مدة أربعة سنوات والذي وقع الحط منه إلى سنتين سجنا مع إيقاف التنفيذ.
بعد قضاءه سبعة أسابيع في سجن المرناقية السيئ السمعة، والواقع بأحواز تونس العاصمة، وفي انتظار جلسة الاستئناف المشار إليها آنفا، حصلت المفاجأة الكبرى و"الطامة العظمى" التي قسمت ظهر المرتزقين الجدد، حين تدخل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وأصدر عفوًا رئاسيّا شاملا، على الدكتور أحمد العش قبل انتهاء درجات التقاضي.
تجدر الملاحظة وما غاب عن أغلب الناس أن لسيادة الرئيس صلاحيات دستوريّة في إيقاف التتبع والعفو في أي مرحلة من مراحل التقاضي وحتى أثناء تنفيذ العقوبات.
فُتح ملف المغتربين من طرف النظام في بداية شهر جانفي سنة 2006 عن طريق بعض الوساطات غير المعروفة في الساحة السياسية والحقوقية بتونس، منها ما عرف بمبادرة مجموعة مبعوث القصر الرئاسي المدعو محمد الفرجاوي المعروف باسم حمادي والذي جند لهذه المهمة في أول مرّة المغضوب عليه سابقا من طرف النظام الدكتور الصحبي العمري وللإشارة فإن عملية استقطاب هذا الأخير كانت من طرف حمادي عن طريق أحد النشطاء في سيدي بوزيد والمحسوب على الحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة والمعروف بعلاقته بالأمن السياسي المسمى لسعد بوعزيزي الذي رتب أولى اللقاءات بين حمادي والصحبي العمري لتسهيل مهمة التجنيد وكان ما خطط له ولا يفوتنا أن اللقاءات حضرها أيضا ابن الجهة القيادي في الحزب المذكور الأستاذ عطية العثموني.
وبعد نجاح مهمة حمادي في تجنيد الصحبي العمري حيث تمتع هذا الأخير بالدعم المالي وأنفقت الآلاف من أموال الشعب التونسي الكريم عليه تجاوزت المبالغ المسحوبة باسمه مبلغ المائة ألف دينار وهي تكاليف للنفقات اليومية المتراوحة بين مأكل ومشرب وسهرات وفاتورات الإقامة بالنزل ومصاريف السفر ومنها خمسون ألف دينار أقر الصحبي أنه قبضها نقدا.
وقع العمل على إعادة المغتربين وتمكن الصحبي العمري من إعادة مجموعة تقارب العشرين فردا من بينهم الأزهر عبعاب ضمن شروط شرحتها في مقالتي السابقة بموقع تونس نيوز بتاريخ 20 أفريل 2006 تحت عنوان "وسقط القناع مبادرة المدعو حمادي والدكتور الصحبي العمري".
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، حيث وقعت القطيعة بين المدعو حمادي والصحبي العمري نتيجة خلافات مالية على تقسيم الغنائم وذلك بعد حدوث اختلاسات في المبالغ التي رصدت لصحبي العمري من قبل النظام لترويضه.
وهكذا تم ايقاف عملية المبادرة ككل بعد كل الفضائح والملاسنة التي وقعت وذلك نتيجة الخلاف الحاصل بين الصحبي وحمادي.
لكن الصحبي العمري لم يستسلم للهزيمة وقام بالعديد من المساعي لربط الصلة من جديد مع القصر الرئاسي دون وساطة حمادي وقد نجح في مساعيه حيث وقع ربطه مباشرة بالمدير العام للأمن الرئاسي وحماية الشخصيات، السيد علي السرياطي والمعروف بالانضباط والجدية والصرامة نظرا لتكوينه العسكري ومن ذلك التاريخ أصبح التعامل عن طريق تسليم رسائل وتقارير عند بوابة القصر موجهة إلى السيد المدير العام للأمن الرئاسي وحماية الشخصيات أو عن طريق المكالمات الهاتفية في المسائل المستعجلة.
وفي بداية سنة 2009 رجع ملف المغتربين إلى الساحة وذلك نتيجة تكوين مجموعة من المغتربين منظمة للدفاع عنهم والمسماة "المنظمة التونسية للمهاجرين التونسيين" التي عقدت مؤتمر التأسيس في أيام 20 و21 جوان 2009 بجنيف وأسندت رئاستها إلى نور الدين الختروشي، فدفع هذا التحرّك في الخارج جهات عديد إلى إعادة متابعة الملفّ منها:
1/ الأمن على مستوى الملحقين الأمنيين بالسفارات التونسية بالتنسيق مع السيد الأزهر عبعاب ومجموعته.
2/ الصحبي العمري.
أما بالنسبة للملحقين الأمنيين فشروطهم للعودة معروفة ومعلومة لدى المغتربين واللذين يتصلون بالسفارات التونسية بالخارج تتمثل في أن يتمتع المغترب المحاكم غيابيا بتأجيل التنفيذ والإبقاء بحالة سراح وتحصله على جواز سفر تونسي شريطة الإمضاء على مبادرة ما سمي بالأزهر عبعاب والمتمثلة في :
أ ـ الاستقالة والتبرؤ من حركة النهضة حتى للذين استقالوا آليا وابتعدوا عن أي نشاط يربطهم بالحركة منذ سنوات
ب ـ إمضاء بيان العبعاب والداعي إلى مساندة ترشح سيادة الرئيس والتمجيد ببعض الإنجازات.
أما في ما يخص مجموعة الأزهر عبعاب فعادت بعض أفرادها بدون أي إشكاليات تذكر.
أما المجموعة التي تمت الموافقة على عودتها إلى أرض الوطن بوساطة الصحبي العمري بعد عرض قائمة بأسماء أفرادها على السيد علي السرياطي ليتخذ القرار في شأن العودة من عدمها بخصوصها، فقد تمثلت وساطة الصحبي العمري في ربط بعض الصلات بمن لهم علاقة من قريب أو من بعيد بالمغتربين السياسيين وعرض فكرة الرجوع إلى تونس عليهم وعند موافقة المعنيين بالأمر يقع الاتصال بالصحبي وإعطائه أسمائهم والذي يعرضها بدوره على السيد علي السرياطي.
أما بالنسبة للذين رجعوا عن طريق تدخل الصحبي العمري فمنهم من توفقوا في العودة المسالمة واللذين لم يشغلوا أي منصب قيادي في حركة النهضة.
أما بخصوص مسألة عودة الأستاذ الدكتور أحمد العشّ فقد تم الإشارة إليه من طرف القيادي النهضوي سابقا السيد الفاضل البلدي بالاتصال بالصحبي العمري لقربه من القصر الرئاسي فتم ما اتفق عليه وكان عرض اسمه مع مجموعة من الأشخاص من بيهم توفيق شلفوح وآخرين....... على السيد علي السرياطي وكانت الموافقة على رجوع السيد توفيق شلفوح وآخرين....... وتم إعلام الصحبي من طرف السيد علي السرياطي بأنه في حالة رجوع الدكتور العش فسيتم إيقافه وذلك قبل أربعة أيام من تاريخ عودته وتم إعلام الصحبي بأن العودة ستتم بالمقاييس الجديدة المعروفة بمبادرة الأزهر عبعاب وأن ليس من مشمولات السيد علي السرياطي موضوع العودة وإنما هو مسؤول عن أمن الرئيس وأن هناك مؤسسات الدولة المؤهلة لذلك.
الأسئلة المطروحة هنا هي :
- لماذا لم يتمتع الدكتور العشّ بمثل ما تمتع به غيره فيما يخص عودته ؟
- لماذا تعمد الصحبي العمري عدم إبلاغ الأستاذ الدكتور أحمد العش بإمكانية إيقافه حال عودته ؟
الجواب واضح، أن هناك دوائر على مستوى أجهزة الدولة يقلقها هذا الملف ثم أن عودة الدكتور العش قبل أخذ الإشارة أو الإذن بالعودة أربك بعض الأجهزة وذلك من أجل :
1/ إفشال مشروع العبعاب في صورة عدم إيقافه.
2/ الخوف من أن تدخل السيد الفاضل البلدي تكون له غايات غير المعلن عنها.
3/ إفشال مشروع بعض الدوائر الأمنية والجهات اليسارية المتنفذة في السلطة في ابتزاز الإسلاميين سياسيا ومعنويا وماديا رغم أن قرار تسهيل عودة المغتربين قرار رئاسي نافذ وعام.
4/ تعمد الصحبي العمري عدم إبلاغ ضحيته نكاية بالسيد علي السرياطي، حين أحسّ ـ أيّ الصحبي العمري ـ أنّه سيتم التخلي عن خدماته في ملف عودة المغتربين وحتى لا يسحب البساط من تحت قدميه بعد محاولة بعض الأطراف الدخول على الخط وبذلك يضع نفسه كضحية بدلا من كونه الجلاد.
للأمانة التاريخية فإني هو أول من تطوع في شهر ماي من سنة 2005 لإقناع رموز المعارضة الإسلامية المتواجدين داخل البلاد وعلى رأسهم الأستاذ الشيخ عبد الفتاح مورو بالإمضاء على المبادرة من أجل إطلاق سراح كل المساجين السياسيين باقتراح من الدكتور أحمد المناعي ومجموعته المتواجد آنذاك بفرنسا وهي الأزهر عبعاب ومحمد العماري ورضا التونسي وعبد السلام الأسود.
وهنا يجب التوضيح حتى لا نقف عند "ويل للمصلين" وإن مبادرة المدعو الأزهر عبعاب كلمة حق أريد بها باطل، لأنه لا يمكن أن يضع موضوع مساندة ترشح سيادة الرئيس والتمجيد ببعض الانجازات كعملية مبادلة، وهذا إن مثل شيئا فإنه يمثل انحطاطا في العمل السياسي، ثم إن سيادة الرئيس ليس بحاجة لمثل هذه العمليات القذرة وإنما إنجازاته هي التي تكسبه مساندة كل الشعب التونسي.
إن سيادة رئيس الدولة بوصفه ضامنا للدستور ورئيسا لكل التونسيين فإني أناشده أن يضع حدا لهذا التيار المتاجر بهموم الناس ومعاناتهم وإبعاد كل الذين يتمعشون من ملف المغتربين ويعارضون التقارب والتصالح والوفاق بين سيادته والإسلاميين عن الساحة ومستغلين في ذلك أخطاء البعض منهم وحتى لا تواصل الرموز البالية من المعارضة وأصحاب النفوس المريضة المتاجرة بهذه القضية وذلك بتكليف شخصية وطنية حقوقية تتمتع بعلاقات طيبة مع جميع الفرقاء وتحظى بثقته تسهر على عودة المغتربين أو بالأحرى عودة كل الذين غادروا البلاد وأصبحوا محل تتبعات عدلية أو الذين فضلوا البقاء في المهجر خوفا من أن تشملهم حملات اعتقالات الإسلاميين في مطلع التسعينيات من القرن الماضي وتسهيل عملية تسوية وضعياتهم القضائية والإدارية في كنف القانون والاحترام وذلك أما بعفو رئاسي شامل أو بإجراءات قضائية وأن يقع تمويل كل النفقات من صندوق يمول من تبرعات التونسيين والمنظمات الإنسانية والحقوقية وصندوق 26-26 وبعض الإسلاميين المتواجدين بالخارج الميسوري الحال ومن تونس أدعو كل الأطراف في الداخل والخارج إلى الابتعاد عن كل الأقوال والأعمال التي من شأنها تعكير الجو العام.

حرر بتونس في 05/10/2009ناشر، سجين سابق إسلامي في العهدينالهاتف : 361.487 98