الجمعة، 30 نوفمبر 2012

وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق


وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة
وأزلام النظام السابق

بقلم نبيل الرباعي *

تعتبر وزارة الداخلية ركيزة أساسية في كل دولة لفرض الأمن والاستقرار في البلاد وتكون هياكلها مجندة لاحترام القانون والعمل في اطاره لتحقيق ذلك ، غير أنه في الدول العربية اعتبرت وزارة الداخلية اليد الخفية التي يستعملها الحكام لفرض سيطرتهم المطلقة على كل المؤسسات وهو ما أدى إلى ارساء نظام دكتاتوري بها.
ولم تشذ تونس عن القاعدة كغيرها من الدول العربية فقد بادر الزعيم الحبيب بورقيبة بعد تسلمه مقاليد الحكم إلى تقوية أجهزة وزارة الداخلية مما زاد في طغيان كل من قلد الوزارة في عهده فقد صرح لي المرحوم محمد مزالي الوزير الأول الأسبق في حديث ودي بيننا سنة 2009 على اثر زيارتي له ابان عودته من المهجر أنه انتابه احساس بأنه الحاكم الفعلي لتونس لما قلد وزارة الداخلية ، وعلى اثر الانقلاب الطبي الذي قام به زين العابدين بن علي لتولي رئاسة الجمهورية حمل المشعل على الزعيم الراحل وسار على نفس الدرب.
ولما باشر زين العابدين بن علي مقاليد الحكم في سنة 1987 أعاد تنظيم مصالح الأمن وخلق إدارة عامة جديدة مستقلة ومرطبة به مباشرة وهي الإدارة العامة للمصالح المختصة مهمتها الأمن السياسي وأعطاها صلوحيات و امكانيات أكثر من الإدارة الأم أي الإدارة العامة للأمن الوطني وأصبحت هذه الأخيرة الإدارة الفاعلة في مقاليد الحكم طيلة 23 سنة من حكم بن علي.
وهنا لابد من توضيح عمل وزارة الداخلية فقد سبق أن قمت بكتابة مقالة عن أجهزة الوزارة وأوضحت باسهاب عملها لكن سأخص بالذكر أهم ادارتين بها
أولا : الإدارة الأولى الإدارة العامة للمصالح المختصة ومن أشهر مديريها الشاذلي الحامي وهو محمد علي محجوب -1984- ومحمد علي القنزوعي سنة 1990 وتشرف على مجمع ادارات وجلها مهتمة بأمن الدولة وهي :
1 إدارة الاستعلامات العامة وهي عبارة عن مجموعة فرق مهمتها استراق المعلومة وهذه الإدارة عرفت جولات وجولات وتعالى صوتها ابان فترة محنة الاسلاميين سنة 1991 وجل الذين تقلدوا مسؤوليات فيها أمثال مديرها العام حسن عبيد ومدير ادارته الفرعية محمد الناصر شهر "حراص"  وتوفيق الديماسي وسامي جاء وحدو عرفوا بقمعهم ووحشيتهم وأمعنوا في خلق وسائل التعذيب والممارسات اللاانسانية ضد الاسلاميين.
 وقد سجل في عهد حسن عبيد أكبر عدد من الشهداء تجاوز 16 شهيدا وبلغ عدد الايقافات أكثر من 56 ألف موقوف من أنصار حركة النهضة وهو أكبر رقم شهدته الإدارة منذ الإستقلال
أما توفيق الديماسي الذي التحق بالوزارة سنة 1988 وعين بجهاز الاستعلامات في سنة 2003 وهو محسوب من أعوان كمال اللطيف وعمل أيضا لفائدة سليم شيبوب ضد الطرابلسية وعرف بممارساته القمعية ضد الإسلاميين.
وسامي جاء وحدو المدير المركزي للإستعلامات قبل الثورة وتقلد العديد من المناصب واشتهر بعدائه للإسلاميين وتسلق من محافظ شرطة بسيط إلى مدير مركزي وذلك بربط علاقات مكنته من أن يكون خادما مطيعا في يد ليلى بن علي هذا مع الإشارة أنه كان يتحصل على منحة جامعية عندما كان طالبا وعائلته محدودة الدخل ووالده عامل بسيط في البريد ومكنه التسلق إلى نظام بن علي من امتلاك العديد من الأملاك واشتهر في فترة ادارته لإدارة الاستعلامات بتلفيق وفبركة التهم لمعارضي بن علي وكان مرشدا للأمن عندما كان طالبا في كلية الشريعة وأصول الدين وبعد الثورة أصبح مرشدا لدى قيادة حركة النهضة ويتردد على قياداتها باستمرار.
2 إدارة الحدود والأجانب وهي مختصة في مراقبة حركة الطيران ومراقبة المسافرين القادمين أو المغادرين من البلاد وتطبيق القرارات الخاصة بمنع منح جوازات السفر للمعارضين.
3 إدارة الأرشيف والوثائق وتشرف على تخزين الأرشيف السياسي للمعارضين وخزن كل الملفات المتعلقة بأمن الدولة.
4 ادارة المصالح الفنية وتتكون من عدة مصالح أهمها :
-         مصلحة مختصة في الجوسسة ومقاومة الجوسسة
-         مصلحة التنصت على المكالمات
-         مصلحة الدراسات
ومن أشهر مديريها منصف بن قبيلة والشاذلي الساحلي
5 إدارة مقاومة الإرهاب وقد أحدثت في بداية سنة 2007 إثر أحداث سليمان وهي مهتمة بملف السلفيين بمختلف اتجاهاتهم ولها هيكلة عامة على مستوى كامل الجمهورية ولها مكاتب بكافة مناطق الشرطة المتواجدة بالجهات.
6 إدارة أمن الدولة وهي من أهم الإدارات حيث تتجمع لديها كل المعلومات المتحصل عليها من كل المراكز الأمنية والمقرات العامة للأمن والإدارات الراجعة بالنظر للإدارة العامة للمصالح المختصة وقد تداول على ادارتها العديد من المدراء نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر منصف بن قبيلة (1987) وعزالدين جنيح (1991).
ولهذه الإدارة مصالح عديدة وهي :
-         مصلحة الشؤون الفلسطينية
-         مصلحة الشؤون الليبية
-         مصلحة مقاومة التطرف الديني (متابعة الحركات الإسلامية)
-         مصلحة متابعة الطلبة بمختلف توجهاتهم السياسية عدى الإسلاميين منهم لإختصاص مصلحة مقاومة التطرف الدين بملفاتهم
-         مصلحة الشؤون الجزائرية
-         مصلحة شؤون الحركات القومية والبعثية والشؤون العراقية والسورية
-         مصلحة شؤون الأجانب بجميع جنسياتهم
-         ادارة فرعية لمقاومة الإرهاب.
وبإدارة أمن الدولة كان النظام صارما بخصوص تنقل الموظفين التابعين لها من مكتب إلى آخر وكانت تتكون من عدة مصالح كما هو مبين سابقا ولكل واحدة منها مجال اختصاص ولا توجد علاقة مباشرة للمصالح فيما بينها إذ يتسم عمل كل واحدة منها بالسرية المطلقة ولا ينسق رئيس كل مصلحة إلا مع المدير.
7 إدارة الأمن الخارجي وهي مهتمة أساسا بالمراقبة والجوسسة على التونسيين المقيمين بالخارج وخاصة المعارضين منهم والإشراف على الملحقين الأمنيين بالسفارات التونسية بالخارج وجل أفرادها كانوا يعملون بالإدارات السياسية ممن اشتهروا ببطشهم بالإسلاميين والمعارضين وكمكافأة لهم يتم تعيينهم بإدارة الأمن الخارجي ومن أبرز الأسماء التي تولت منصب مدير عام بها في عهد بن علي نبيل عبيد الذي قلد العديد من المهام قبل ذلك ، فقد كان رئيس فرقة بالإدارة الفرعية للأبحاث الخاصة بإدارة الاستعلامات تحت إشراف محمد الناصر واشتهر حينها باستعماله لأشد وسائل التعذيب وحشية ثم ولي مديرا لإدارة أمن الدولة. وأثناء مباشرة هذا الأخير مهامه كمدير عام لإدارة الأمن الخارجي تم ايقافه وسجنه في سنة 2001 بتهمة الخيانة العظمى والتعامل مع العدو بعد ثبوت تورطه واستلامه لرشوة قيمتها 200 ألف دينار في عملية الغريبة بجربة كما تورط أيضا في قضية اختفاء السجين السياسي المطماطي لما كان ريسا لمنطقة الشرطة بقابس وتم الإفراج عنه قبل المحاكمة بتدخلات أمريكية عين على إثرها ملحقا بسفارة تونس باليمن ثم عمل مستشارا لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية فيما يسمى بمكافحة الإرهاب.
وجل هذه الإدارات تخضع مباشرة لرئيس الدولة واتصاله مباشرة بهم ويعرفهم معرفة وثيقة ويتم تعيينهم لولاءهم التام له.
وجريان العمل صلب الإدارة العامة للمصالح المختصة كان يقتضي ألا تتجاوز أي إدارة تابعة لها صلاحياتها لمجرد حتى الإطلاع على الأعمال الراجعة بالنظر لأي من الإدارات الأخرى التابعة لها.
ثانيا : الإدارة العامة للأمن العمومي وبها الإدارات التالية :
1 إدارة الشرطة العدلية مقرها بالقرجاني بتونس العاصمة ومديرها مراد السباعي
1/1 الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية وعلى رأسها الجلاد علي عبد الله
2/1 فرقة مقاومة المخدرات
3/1 الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية.
2 إدارة شرطة المرور مهمتها الإشراف على السير العادي للسيارات ومتابعة الحوادث.
3 إدارة الشرطة الفنية والعلمية وهي إدارة تقنية بالأساس مهتمة بالسجل العدلي للمواطنين.
4 أقاليم الشرطة وهي إدارات تشرف على مناطق الشرطة وأشهر أقاليم تونس العاصمة التي عرفت ببوشوشة تداول على ادارتها العديد من المديرين ، ففي سنة 1987 اشتهر مديرها العام آنذاك فرج قدورة بقمعه وتشفيه بالإسلاميين وكان يساعده في ذلك رئيس فرقة الإرشاد المركزي محمد الناصر وقد عرفت هذه الفرقة بأبشع الممارسات القمعية وبوسائل التعذيب الوحشية التي لم يرى لها مثيل وفي محنة الإسلاميين سنة 1991 أشرف عبد الحفيظ التونسي على ادارتها وعرف بدمويته بمعية احد الجلادين محمود الجوادي.
1/4 مناطق الشرطة تشرف على مراكز الشرطة وبها فرق مركزية للأبحاث والإرشاد مهتمة بالشأن السياسي.
2/4 المراكز تحتوي على مكتب اداري وهو مهتم بالوثائق الإدارية كشهائد السكنى ... إلخ ، ومكتب عدلي يهتم بقضايا الحق العام ،ومكتب ارشاد وهو مهتم بالشأن السياسي في مرجع النظر الترابي وجل المراكز عرف أفرادها بجهلهم للملف السياسي وعجرفتهم.
5 الإدارة العامة لوحدات التدخل المعروفة باسم "البوب" واحدثت في عهد الطاهر بلخوجة وزير الداخلية ومهمتها الأصلية مقاومة التصدي للمظاهرات والتحركات.
وجل هذه الإدارات أساس عملها التسيير العام لشؤون المواطنين وليس لها دخل بالشأن السياسي.
وإثر الثورة وللإضطرابات التي سادت البلاد تداول على الوزارة العديد من الأسماء التي حاولت القيام بإصلاحات صلبها لكن قصر فترة تعيينها حالت دون ذلك.
فحين عين السيد فرحات الراجحي وزيرا للداخلية اتخذ خطوة اعتبرها البعض خطوة جريئة والبعض الآخر في غير محلها ، فقد قرر السيد فرحات الراحجي إلغاء إدارة أمن الدولة ظنا منه أنه القرار الأصلح تماشيا مع متطلبات الثورة المجيدة غير أن أباطرة الوزارة والمسيطرين على دواليبها حاربوه مما حدى به إلى تقديم استقالته.
ثم عين الحبيب الصيد وهو من أبناء الوزارة ورئيس ديوانها في عهد بين علي وزيرا للداخلية خلفا للسيد فرحات الراجحي.
وبعد وصول حركة النهضة إلى الحكم تم تعيين السيد علي العريض وهو أحد أبناءها وزيرا للداخلية ظنا منها أنها ستسيطر على البلاد والعباد وبعد مرور 10 أشهر من توليه الوزارة يتساءل المرء ماذا تغيير في وزراة الداخلية في عهد النهضة ؟ هل تم تطهيرها من مجرميها ؟ هل تم بسط الأمن في البلاد ؟ هل تم تعيين الأكفء والأصلح ؟ هل طوينا صفحات التعذيب ؟ هل أصبح الأمن جمهوري ؟ هل أصبح المواطن عندما يدخل المراكز الأمنية يحس بكرامته ؟ هل... ؟ هل.... ؟
وقبل الإجابة عن كل هذا وجب  إبراز مدى صواب القرار الذي اتخذه السيد فرحات الراجحي حول إلغاء إدارة أمن الدولة من عدمه. فمن وجهة نظري الخاصة أعتبر أنه قرار غير صائب وفي غير محله لاحتواء هذه الأخيرة على عناصر تتمتع بتدريب فائق الجودة وخبرة طويلة خاصة في مجال المخابرات وكان من الأصلح محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه وذلك بتغيير العناصر الفاسدة التي تورطت في أعمال فساد كمرحلة أولى ثم اعادة هيكلتها لمواكبة التغييرات التي طرأت على البلاد إبان الثورة غير أن اتخاذ هذا القرار كان على إثر تدخل بعض الأطراف التي كانت مصلحتها تقتضي اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية حتى لا تكشف ملفات تورطهم في الجوسسة والعمالة للخارج أمثال كمال اللطيف الذي أوعز للحقوقية سهام بن سدرين للقيام بالحملة لصالح الإلغاء هذا مع الإشارة أن السيد حمة الهمامي في فترة البحث عنه من طرف الأمن في عهد بن علي كان متخفيا بمنزل كمال اللطيف ومتنقلا بينه وبين منزل سفير فرنسا بتونس.
وفي 17 ديسمبر 2011 عين علي العريض على رأس وزارة الداخلية وهذا التاريخ كان فيصلا هاما في حياة هذا الأخير حيث وقبل 21 سنة وفي يوم 17 ديسمبر 1990 بلغت فيها اعتقالات الاسلاميين ذروتها وشملت كل الفئات من القاعدة الى القمة وكانت فترة شهدت اعتقال أهم قيادات النهضة ومن بينهم علي العريض الذي عانى الأمرين من النظام الظالم لبن علي وسجن لمدة ستة عشر سنة وكنت شخصيا أنتظر مشاهدة الكثير من الإصلاحات والتطهير الفعلي لرموز الفساد من لدنه صلب الوزارة غير أن ما حدث خيب الأمال لدى الكثيرين ممن عرفوا علي العريض عن كثب فقد كان منتظرا ممن عايش الظلم والإضطهاد والتعذيب أن يكون صوت الحق ويد العدل عندما وصل إلى مركز السلطة وعوض أن يعمل على ارساء نظام عادل وترسيخ أفكاره الإصلاحية والبناءة استقطب من لدن أباطرة الوزارة الفاسدين وأصبح بوقا من أبواقهم.
فبعد الثورة انقلبت موازين القوى في وزارة الداخلية على إثر إلغاء إدارة أمن الدولة التي كانت مهتمة بالملف السياسي وبذلك سحب البساط من تحت قدمي إدارة المصالح المختصة المهيمنة على الوزارة في عهد بن علي وكلفت الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية التابعة لإدارة الأمن العمومي بهذا الملف بالرغم من جهل عناصرها لمجريات الأبحاث الخاصة به إضافة إلى أنهم عرفوا بدمويتهم وتفننهم في استنباط أبشع أساليب التعذيب والقمع وما زاد الطين بلة هو تعيين  أحد جلادي الفرقة المدعو علي عبد الله أصيل مدينة عقارب مديرا لها والحال أن مكانه الطبيعي سجن المرناقية وأصبح الماسك بالوزارة والذي يشعر أنه بيده مصير المواطنين وان الحكومة تحت رحمتهم هم فرق التدخل والشرطة العدلية التي أصبحت مكلفة بتحرير المحاضر فيما يخص المناوئين للدولة.
وهنا يجرنا الحديث إلى الأخطاء التي ارتكبت بعد تولي علي العريض مقاليد وزارة الداخلية وخاصة في ما يخص التعيينات التي حدثت بالمناصب العليا.
فمستشاري الوزير الأمنيين وهما فتحي البلدي والطاهر بوبحري ، الأول كان عون أمن عادي تم ايقافه بعد اكتشاف انتمائه للمجموعة الأمنية لحركة النهضة والثاني كان مجرد طالب لما اكتشف أمره لانتمائه لنفس المجموعة وفر للخارج هروبا من الاعتقال ، وعليه فمن غير المعقول اسناد منصب هام لأشخاص غير عارفين بأبسط قواعد العمل المخابراتي والأمني.
كما تم تعيين عبد المجيد البوزيدي مديرا عاما للأمن الوطني والحال أنه كان من خاصة الخاصة لبن علي وتنقل بين جل الإدارات المهتمة بملف سلامة أمن الدولة ومكلف بالتنسيق بين المصالح المختصة وبن علي شخصيا وهذه هي المعادلة الصعبة.
كما تم تعيين وحيد التوجاني مديرا عاما للأمن العمومي هذا الذي تقلد العديد من المناصب في عهد بن علي والمتورط في العديد من قضايا التعذيب والرشوة والمنصب الذي استفاد منه أكثر من غيره هو رئيس منطقة الأمن بالكاف حيث استعمل زوجته للتحيل على أهالي المنطقة بجعلها تصدر صكوك بدون رصيد ولتجنيبها المسائلة القانونية قام بفبركة شهائد طبية تفيد عدم تحملها المسؤولية الجزائية وقد أقامت لمدة أسبوع واحد بمستشفى الرازي ثم غادرته بعد أن تحصلت على شهادة تفيد عدم صحة مداركها العقلية.
فبوجود هذه الأسماء ومن البديهي أن تكون لها حاشيتها فمن غير المستغرب العودة إلى الأساليب القديمة واستعمال التعذيب الجسدي والنفسي في جل الملفات بالمراكز الأمنية والسجون.
ففي عهد وزير الداخلية والأمين العام المساعد لحركة النهضة الحاكم الفاعل في البلاد زهقت أربعة عشر روحا في مدة لا تتجاوز العشرة أشهر وجلهم من الإسلاميين أي أنه إذا حكمت حركة النهضة مدة 23 سنة فسيكون في رصيدها أكثر من 300 قتيل وهذه هي نتيجة اختياراته للمسؤولين بالوزارة بينما طيلة فترة حكم بن علي الممتدة 23 سنة من 7 نوفمبر 1987 إلى 17 ديسمبر 2010 وحسب آخر احصائيات المنظمات الحقوقية العالمية تسبب في قتل 49 مواطنا تونسيا أما بالاغتيال أو بالتعذيب أو نتيجة اهمال صحي بالسجون التونسية وبحكم منصبه فهو المسؤول الأول على أرواحهم أمام الله وأمام القانون وبعملية حسابية بسيطة فإن معدل الأرواح التي زهقت لا تتجاوز الاثنتين سنويا.
على إثر شهادة أحد أعوان الأمن بمشاهدة المرحومين الشابين السلفيين  البشير القلي ومحمد البختي أمام السفارة الأمريكية على خلفية الأحداث التي جدت بها تم ايقافهما وتعبيرا عن احساسهما بالظلم الذي سلط عليهما دخلا في اضراب جوع أدى إلى وفاتهما وهنا واستغلال للموقف رفعت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية شعار "ديقاج" في وجه نور الدين البحيري وزير العدل وذلك يوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 أمام مقر وزارة العدل. وهذه الشبكة المذكورة تضم جمعيات تابعة لحركة النهضة وهذه الحركة المناهضة لوزير العدل جاءت بتحريض من بعض قيادات حركة النهضة الذين يطالبون برأس نور الدين البحيري وهذه إشارة لبداية حرب الأجنحة تحضيرا لخلافة راشد الغنوشي رئيس الحركة وبالرغم من أن وزارة الداخلية متورطة ضمنيا في وفاة الشابين.
إن التداخل بين وزارة الداخلية وحزب حركة النهضة ليس أمرا محمودا ينتهي الى تعطيل مؤسسات الدولة.
وما يؤكد التداخل بين الوزارة والحركة ما حدث في ذكرى احياء أحداث 9 أفريل بشارع الحبيب بورقيبة وجود مجموعات تابعة لمكاتب حركة النهضة من جهة وأفراد ينتمون إلى ما يسمى بالرابطة الوطنية لحماية الثورة تعاضد أعوان الأمن في قمع المحتجين والتصدي بعنف شديد وبقمع وحشي لمتظاهرين سلميين وأحد هؤلاء عبد السلام التوكابري الذي يرأس مجموعة من أبناء الحركة مهتمة بالإعلام الالكتروني وتقوم بإنزال الأخبار الكاذبة والزائفة عن المعارضين وبقطع النظر على النية الحقيقية من وراء تنظيم التظاهر في مكان أعلن سابقا بأنه يمنع فيه التظاهر وأن هذا القرار وضع التحضير له بدقة وهدفه إرباك سير الحكومة وضرب علي العريض والأصل في الأمور أن أعوان الأمن قادرين بمفردهم على فرض احترام القانون وأن أطرافا من كلا الطرفين سعوا ونجحوا في توريط علي العريض باتخاذه قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة وتجريد هذا المكان من رمزيته بعدما احتضن أهم حدث في تاريخ تونس بعد استقلالها ألا وهو يوم 14 جانفي 2011 تاريخ الثورة التونسية.
وكان حري بعلي العريض أخذ العبرة من هذا الدرس وعدم اعادة الخطأ مرة ثانية وذلك بفصل سياسة الوزارة عن سياسة الحركة والأخذ بزمام الأمور حتى لا تستفحل الأوضاع وتكون هذه المرة النتائج وخيمة لكنه ترك الأمور تسير على نفس الوتيرة دون أن يحرك ساكنا وهذا ما زاد من طغيان أفراد من الرابطة الوطنية لحماية الثورة بتدخلهم في كل شأن بطريقة هامشية ومتوحشة وصلت إلى حد الإعتداء بالعنف الشديد على أحد أبناء جهة تطاوين المدعو لطفي نقض والمنتمي لحركة نداء تونس في مقر عمله على مرئ ومسمع من الأمن مما أدى لوفاته.
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فقد تمادى المنتمون للحركة في استعمال سلطتها لمنفعتهم الشخصية أمثال زبير الشهودي ، الذي كان مجرد تلميذ في سنة 1991 بالمعهد الفني 9 أفريل يزاول تعليمه بالشعبة المهنية ميكانيك سيارات وكان حديث العهد بالصلاة بجامع الفتح بتونس العاصمة دفعه الحماس والتهور الى المشاركة في عملية حرق سيارة للشرطة راسية أمام المعهد المذكور مما جعله يقضي أربعة عشر سنة سجنا تعرف خلالها على بعض قيادات حركة النهضة ومنهم علي العريض. وبعد قضائه لفترة العقوبة وخروجه من السجن عمل في مجال العمل الاجتماعي التابع لحركة النهضة مع السيد صالح بن عبد الله البوغانمي إلا أن سوء تصرفه في الموارد وتشكي عائلات المساجين من عدم وصول المساعدات تكاثرت حوله الشكوك مما حدى بالسيد علي العريض للإستعانة به في قضاء بعض شؤونه المتعلقة بالحركة نظرا للمراقبة الأمنية الشديدة المفروضة عليه ولإبعاده عن العمل الاجتماعي الذي كان يقوم به.
وبعد الثورة والإعلان على الهيئة التأسيسية لحركة النهضة تم اقحامه بها وأسندت إليه مهمة شؤون مكتب الشيخ راشد الغنوشي علما وأنه لا يتقن حتى لغة الضاد وأصبح بذلك عين علي العريض التي لا تنام في مكتب الشيخ راشد لكنه استغل هذا المنصب لمصلحته الشخصية وذلك طلب مقابل لتسهيل مقابلة الشيخ راشد الغنوشي لكل قاصد يريد مقابلته لقضاء شأن من شؤونه والمثير في الأمر أن ابتزازه لطالبي المقابلة تنوع من شخص لآخر حيث تمثلت في هدايا وعطايا من غذائية إلى مالية ولم يقتصر الأمر على ذلك بل قام بتوصية من مشغليه من أحد أجنحة الحركة بالمساهمة في تدليس نتائج انتخابات مؤتمر المهزلة الأخير للحزب بالإضافة  إلى تدخله في التعيينات في الوظائف السامية بالدولة
والأخطر من ذلك أن يستغل معرفته بالسيد وزير الداخلية علي العريض ويتخصص في تحطيم معارضي الحركة بتعلة أن هناك تسربات أتته من وزير الداخلية أن فلان أو علان كان يتعامل مع الأجهزة الأمنية في عهد بن علي وقد وصلت به الدناءة إلى التطاول على عمالقة الحركة المتخالفين معها في أطروحاتها وطريقة عملها قبل انتخابات المجلس التأسيسي طائفا من مكتب إلى آخر ناشرا الأكاذيب والأقاويل على الشيخ عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي.
أما قبل الثورة فقد تم تجنيده من طرف مدير إدارة الأبحاث الخاصة بالإدارة المركزية للإستعلامات محمد الناصر وتم ربط الصلة بينه وبين عون الاستعلامات (ق- ز) لتسلم كل المعلومات المتعلقة بالحركة بحكم قربه من علي العريض ولم تنقطع الصلة حتى بعد الثورة بأعوان محمد الناصر إذ جند مجددا ليكون عينا لهم لمعرفة تحركات الشيخ راشد الغنوشي بحكم المنصب الذي يشغله بمكتب الشيخ وفي صورة امتناعه عن القيام بالمهمة فسيقع فضحه.
والأسعد الجوهري الذي عين عضو في مجلس الشورى بحركة النهضة بالرغم من علاقته المشبوهة مع المدعو كمال اللطيف ولقاءاته السرية بالبحيرة به بعد الثورة كما أنه يعتبر المستشار السري لوزير العدل مع أنه في مشاورات تحضير قائمة الهيئة التأسيسية لحركة النهضة هدد علي العريض بالاستقالة من الحركة في صورة تعيينه صلبها لتهجمه على جل قيادات الحركة ونشر الأقاويل والأكاذيب عنهم وخاصة السيد علي العريض فقد كان له نصيب الأسد من هذه الهجمات ولكن تم فرضه في المؤتمر المهزلة من طرف راشد الغنوشي وعين بالمنصب المذكور أعلاه ويحسب على جناح هذا الأخير هذا وتعلقت بهذا الأخير عديد الأقاويل في سوء تصرفه المالي خلال عمله الاجتماعي بحركة النهضة قبل الثورة.
ولم يقتصر الأمر على الأمن العمومي في عملية التداخل هذه إذ طالت الديوانة التونسية فقد عمد المسمى منير الحناشي وهو سائق السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وشقيق وزير الداخلية إلى التدخل في الشؤون الداخلية وفي طريقة سير العمل بالديوانة بأسلوب حاشية بن علي سابقا وذلك بإخراج الحاويات والسل المتواجدة بها بالتفافه على الطرق القانونية لمنفعته الشخصية ولإنارة القارئ الكريم فإن هذا الأخير هو من منفذي العملية الاجرامية لحرق مقر لجنة التنسيق بباب سويقة سنة 1991 والتي نتجت عنها موت حارسين.
  وفي الأخير هذه لمحة عن بعض الأسماء التي علا صوتها بعد الثورة وأصبحت فاعلة في الساحة السياسية بالرغم من ماضيها الملوث والأسود.
 الاستاذ سمير بن عمر دخل الى مهنة المحاماة في  21/5/1998 كان رئيس لجنة متابعة المحاكمات السياسية التابعة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين المحسوبة على الإسلاميين  تم توظيفه من طرف جهاز امن الدولة في سنة 2000 واصبح معرف باسم "غوانتنامو" وتم ربط الصلة بينه وبين عون امن الدولة (شكري ج) ويتقاضى جراية شهرية ب 600 د كانت اخرها في ديسمبر 2010  وكلف بملف السلفية الجهادية في تونس  وكان دوره اكتشاف الخلية النائمة وفك بعض الرموز المستعصية خلال البحث عن مشغليه من خلال الموقوفين .
عطية العثموني رئيس حزب صوت الإرادة والمستقيل من حزب نجيب الشابي (الديمقراطي التقدمي ) كان منتدب من طرف جهاز أمن الدولة مكلف بمتابعة تحركات حزب هذا الأخير هذا مع الإشارة أنه كان يتعامل مع الأمن الرئاسي في شخص مديره العام السابق علي السرياطي بواسطة عن طريق محمد الفرجاوي المعروف باسم "العم حمادي" المكلف بملف المغتربين وكان يتقاضى أجرا على ذلك
ابراهيم القصاص انتدب من طرف مصلحة شؤون الحركات القومية والبعثية والشؤون العراقية والسورية بإدارة أمن الدولة عندما كان مقيما بالعراق عن طريق الملحق الأمني هناك م- م  ويعرف باسم الصادق وتواصل تعامله معهم بعد عودته إلى تونس
امال عمري تم انتدابها من طرف مدير إدارة المصالح المختصة محمد علي القنزوعي سنة 1987 وتم تسهيل هروبها من تونس عن طريق الجزائر بواسطة ص-ع ثم بعد ذلك تم زرعها في بيت الشيخ عبد الفتاح مورو لما كان مقيما بالمملكة العربية السعودية وكانت عين المخابرات فيها وأمال عمري استغلت علاقتها السابقة مع علي الزروي القيادي في الجهاز الخاص بالحركة لاستقصاء المعلومات وارسالها لمشغليها وأصبحت فيما بعد زوجته.
وللحديث صلة
حرر بتونس في  30 نوفمبر 2012
                                                                              * ناشط سياسي سجين سابق في العهدين
                                                                           الهاتف : 361.487 98   
E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr