الأحد، 21 أبريل 2013


بيان للرأي العام


الي السيد وزير الداخليةلطفي بن جدو

بعد التحية اللائقةبمقام سيادتكم سيدي أتوجه إلى سيادتكم برسالتي هذه وكلي أمل في أن  تلقى أذن صاغية وبعد سبق لي أن نشرت بعضالمقالة  و اجريت بعض اللقاءات الصحفية وخاصةبجريدة السور التونسية إلا انه في صبيحة يوم 9 افريل 2013 بشارع الحبيب بورقيبة  اعترضوني مجموعة منسوبة الى تيار حركة النهضة و بإيعازمن كل كمال الحجام عضو مجلس الشورى لحركة النهضة ونائب المنسق العام  و رضا التباسي ومحمد أمين بنور اعضاءالمكتب المحلي لحركة النهضة بباب سويقة  حاولوا الاعتداءعلى لو لا تدخل بعض الحاضرين وتتفوه نحونا ببذيء الكلام وتكيل لنا السباب والشتائموذلك بسبب مواقفي السياسية لتلك التيار و مع تزيد التهديدات بالقتل و ان جلها  كان مصدرها الهاتف العمومي   كماأحيطكم علما وأن هذا الوضع ليس حديث العهد بل أن تصرفاتهم هذه معتمدة منذ مدةطويلة  لذا  أطلب من سيادتكم التفضل بتوفير حمايتي تحسبا لأياعتداء قد يطلني .
وفي حفظ الله دمتموالسلام.

 .محترمكم نبيل الرباعي  ناشط سياسي سجين سابق في العهدين الهاتف 487 361 98 .

الأحد، 17 فبراير 2013


تم استدعائي من طرف السيد قاضي التحقيق الثاني عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس في القضية عدد 12/26046 التي رفعها بعض قيادي حركة النهضة و العميل سابقا مع اجهزة امن الدولة سمير بن عمر   للحضور يوم الجمعة 15 فيفري 2013 على الساعة التاسعة والنصف صباحا لسماعي كمتهم  اثر الحوار الذي اجريته مع جريدة السور ايام 1 و 2 و4  ديسمبر 2012 ونشرته بمدونتي بعنوان وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق بتاريخ 30نوفمبر  2012 و تم تاجيل التحقيق معي من طرف السيد قاضي  بطلب من محامي الدفاع الاستاذ عبد الفتاح مورو لتقديم مؤيدات القضية .
نبيل الرباعي ناشط سياسي سجين سابق في العهدين
                                                                           الهاتف : 361.487 98   
E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr

صورة: ‏تم استدعائي من طرف السيد قاضي التحقيق الثاني عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس في القضية عدد 12/26046 التي رفعها بعض قيادي حركة النهضة و العميل سابقا مع اجهزة امن الدولة سمير بن عمر   للحضور يوم الجمعة 15 فيفري 2012 على الساعة التاسعة والنصف صباحا لسماعي كمتهم  اثر الحوار الذي اجريته مع جريدة السور ايام 1 و 2 و4  ديسمبر 2012 ونشرته بمدونتي بعنوان وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق بتاريخ 30نوفمبر 2012  . نبيل الرباعي الهاتف 487 361 98‏

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق


وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة
وأزلام النظام السابق

بقلم نبيل الرباعي *

تعتبر وزارة الداخلية ركيزة أساسية في كل دولة لفرض الأمن والاستقرار في البلاد وتكون هياكلها مجندة لاحترام القانون والعمل في اطاره لتحقيق ذلك ، غير أنه في الدول العربية اعتبرت وزارة الداخلية اليد الخفية التي يستعملها الحكام لفرض سيطرتهم المطلقة على كل المؤسسات وهو ما أدى إلى ارساء نظام دكتاتوري بها.
ولم تشذ تونس عن القاعدة كغيرها من الدول العربية فقد بادر الزعيم الحبيب بورقيبة بعد تسلمه مقاليد الحكم إلى تقوية أجهزة وزارة الداخلية مما زاد في طغيان كل من قلد الوزارة في عهده فقد صرح لي المرحوم محمد مزالي الوزير الأول الأسبق في حديث ودي بيننا سنة 2009 على اثر زيارتي له ابان عودته من المهجر أنه انتابه احساس بأنه الحاكم الفعلي لتونس لما قلد وزارة الداخلية ، وعلى اثر الانقلاب الطبي الذي قام به زين العابدين بن علي لتولي رئاسة الجمهورية حمل المشعل على الزعيم الراحل وسار على نفس الدرب.
ولما باشر زين العابدين بن علي مقاليد الحكم في سنة 1987 أعاد تنظيم مصالح الأمن وخلق إدارة عامة جديدة مستقلة ومرطبة به مباشرة وهي الإدارة العامة للمصالح المختصة مهمتها الأمن السياسي وأعطاها صلوحيات و امكانيات أكثر من الإدارة الأم أي الإدارة العامة للأمن الوطني وأصبحت هذه الأخيرة الإدارة الفاعلة في مقاليد الحكم طيلة 23 سنة من حكم بن علي.
وهنا لابد من توضيح عمل وزارة الداخلية فقد سبق أن قمت بكتابة مقالة عن أجهزة الوزارة وأوضحت باسهاب عملها لكن سأخص بالذكر أهم ادارتين بها
أولا : الإدارة الأولى الإدارة العامة للمصالح المختصة ومن أشهر مديريها الشاذلي الحامي وهو محمد علي محجوب -1984- ومحمد علي القنزوعي سنة 1990 وتشرف على مجمع ادارات وجلها مهتمة بأمن الدولة وهي :
1 إدارة الاستعلامات العامة وهي عبارة عن مجموعة فرق مهمتها استراق المعلومة وهذه الإدارة عرفت جولات وجولات وتعالى صوتها ابان فترة محنة الاسلاميين سنة 1991 وجل الذين تقلدوا مسؤوليات فيها أمثال مديرها العام حسن عبيد ومدير ادارته الفرعية محمد الناصر شهر "حراص"  وتوفيق الديماسي وسامي جاء وحدو عرفوا بقمعهم ووحشيتهم وأمعنوا في خلق وسائل التعذيب والممارسات اللاانسانية ضد الاسلاميين.
 وقد سجل في عهد حسن عبيد أكبر عدد من الشهداء تجاوز 16 شهيدا وبلغ عدد الايقافات أكثر من 56 ألف موقوف من أنصار حركة النهضة وهو أكبر رقم شهدته الإدارة منذ الإستقلال
أما توفيق الديماسي الذي التحق بالوزارة سنة 1988 وعين بجهاز الاستعلامات في سنة 2003 وهو محسوب من أعوان كمال اللطيف وعمل أيضا لفائدة سليم شيبوب ضد الطرابلسية وعرف بممارساته القمعية ضد الإسلاميين.
وسامي جاء وحدو المدير المركزي للإستعلامات قبل الثورة وتقلد العديد من المناصب واشتهر بعدائه للإسلاميين وتسلق من محافظ شرطة بسيط إلى مدير مركزي وذلك بربط علاقات مكنته من أن يكون خادما مطيعا في يد ليلى بن علي هذا مع الإشارة أنه كان يتحصل على منحة جامعية عندما كان طالبا وعائلته محدودة الدخل ووالده عامل بسيط في البريد ومكنه التسلق إلى نظام بن علي من امتلاك العديد من الأملاك واشتهر في فترة ادارته لإدارة الاستعلامات بتلفيق وفبركة التهم لمعارضي بن علي وكان مرشدا للأمن عندما كان طالبا في كلية الشريعة وأصول الدين وبعد الثورة أصبح مرشدا لدى قيادة حركة النهضة ويتردد على قياداتها باستمرار.
2 إدارة الحدود والأجانب وهي مختصة في مراقبة حركة الطيران ومراقبة المسافرين القادمين أو المغادرين من البلاد وتطبيق القرارات الخاصة بمنع منح جوازات السفر للمعارضين.
3 إدارة الأرشيف والوثائق وتشرف على تخزين الأرشيف السياسي للمعارضين وخزن كل الملفات المتعلقة بأمن الدولة.
4 ادارة المصالح الفنية وتتكون من عدة مصالح أهمها :
-         مصلحة مختصة في الجوسسة ومقاومة الجوسسة
-         مصلحة التنصت على المكالمات
-         مصلحة الدراسات
ومن أشهر مديريها منصف بن قبيلة والشاذلي الساحلي
5 إدارة مقاومة الإرهاب وقد أحدثت في بداية سنة 2007 إثر أحداث سليمان وهي مهتمة بملف السلفيين بمختلف اتجاهاتهم ولها هيكلة عامة على مستوى كامل الجمهورية ولها مكاتب بكافة مناطق الشرطة المتواجدة بالجهات.
6 إدارة أمن الدولة وهي من أهم الإدارات حيث تتجمع لديها كل المعلومات المتحصل عليها من كل المراكز الأمنية والمقرات العامة للأمن والإدارات الراجعة بالنظر للإدارة العامة للمصالح المختصة وقد تداول على ادارتها العديد من المدراء نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر منصف بن قبيلة (1987) وعزالدين جنيح (1991).
ولهذه الإدارة مصالح عديدة وهي :
-         مصلحة الشؤون الفلسطينية
-         مصلحة الشؤون الليبية
-         مصلحة مقاومة التطرف الديني (متابعة الحركات الإسلامية)
-         مصلحة متابعة الطلبة بمختلف توجهاتهم السياسية عدى الإسلاميين منهم لإختصاص مصلحة مقاومة التطرف الدين بملفاتهم
-         مصلحة الشؤون الجزائرية
-         مصلحة شؤون الحركات القومية والبعثية والشؤون العراقية والسورية
-         مصلحة شؤون الأجانب بجميع جنسياتهم
-         ادارة فرعية لمقاومة الإرهاب.
وبإدارة أمن الدولة كان النظام صارما بخصوص تنقل الموظفين التابعين لها من مكتب إلى آخر وكانت تتكون من عدة مصالح كما هو مبين سابقا ولكل واحدة منها مجال اختصاص ولا توجد علاقة مباشرة للمصالح فيما بينها إذ يتسم عمل كل واحدة منها بالسرية المطلقة ولا ينسق رئيس كل مصلحة إلا مع المدير.
7 إدارة الأمن الخارجي وهي مهتمة أساسا بالمراقبة والجوسسة على التونسيين المقيمين بالخارج وخاصة المعارضين منهم والإشراف على الملحقين الأمنيين بالسفارات التونسية بالخارج وجل أفرادها كانوا يعملون بالإدارات السياسية ممن اشتهروا ببطشهم بالإسلاميين والمعارضين وكمكافأة لهم يتم تعيينهم بإدارة الأمن الخارجي ومن أبرز الأسماء التي تولت منصب مدير عام بها في عهد بن علي نبيل عبيد الذي قلد العديد من المهام قبل ذلك ، فقد كان رئيس فرقة بالإدارة الفرعية للأبحاث الخاصة بإدارة الاستعلامات تحت إشراف محمد الناصر واشتهر حينها باستعماله لأشد وسائل التعذيب وحشية ثم ولي مديرا لإدارة أمن الدولة. وأثناء مباشرة هذا الأخير مهامه كمدير عام لإدارة الأمن الخارجي تم ايقافه وسجنه في سنة 2001 بتهمة الخيانة العظمى والتعامل مع العدو بعد ثبوت تورطه واستلامه لرشوة قيمتها 200 ألف دينار في عملية الغريبة بجربة كما تورط أيضا في قضية اختفاء السجين السياسي المطماطي لما كان ريسا لمنطقة الشرطة بقابس وتم الإفراج عنه قبل المحاكمة بتدخلات أمريكية عين على إثرها ملحقا بسفارة تونس باليمن ثم عمل مستشارا لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية فيما يسمى بمكافحة الإرهاب.
وجل هذه الإدارات تخضع مباشرة لرئيس الدولة واتصاله مباشرة بهم ويعرفهم معرفة وثيقة ويتم تعيينهم لولاءهم التام له.
وجريان العمل صلب الإدارة العامة للمصالح المختصة كان يقتضي ألا تتجاوز أي إدارة تابعة لها صلاحياتها لمجرد حتى الإطلاع على الأعمال الراجعة بالنظر لأي من الإدارات الأخرى التابعة لها.
ثانيا : الإدارة العامة للأمن العمومي وبها الإدارات التالية :
1 إدارة الشرطة العدلية مقرها بالقرجاني بتونس العاصمة ومديرها مراد السباعي
1/1 الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية وعلى رأسها الجلاد علي عبد الله
2/1 فرقة مقاومة المخدرات
3/1 الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية.
2 إدارة شرطة المرور مهمتها الإشراف على السير العادي للسيارات ومتابعة الحوادث.
3 إدارة الشرطة الفنية والعلمية وهي إدارة تقنية بالأساس مهتمة بالسجل العدلي للمواطنين.
4 أقاليم الشرطة وهي إدارات تشرف على مناطق الشرطة وأشهر أقاليم تونس العاصمة التي عرفت ببوشوشة تداول على ادارتها العديد من المديرين ، ففي سنة 1987 اشتهر مديرها العام آنذاك فرج قدورة بقمعه وتشفيه بالإسلاميين وكان يساعده في ذلك رئيس فرقة الإرشاد المركزي محمد الناصر وقد عرفت هذه الفرقة بأبشع الممارسات القمعية وبوسائل التعذيب الوحشية التي لم يرى لها مثيل وفي محنة الإسلاميين سنة 1991 أشرف عبد الحفيظ التونسي على ادارتها وعرف بدمويته بمعية احد الجلادين محمود الجوادي.
1/4 مناطق الشرطة تشرف على مراكز الشرطة وبها فرق مركزية للأبحاث والإرشاد مهتمة بالشأن السياسي.
2/4 المراكز تحتوي على مكتب اداري وهو مهتم بالوثائق الإدارية كشهائد السكنى ... إلخ ، ومكتب عدلي يهتم بقضايا الحق العام ،ومكتب ارشاد وهو مهتم بالشأن السياسي في مرجع النظر الترابي وجل المراكز عرف أفرادها بجهلهم للملف السياسي وعجرفتهم.
5 الإدارة العامة لوحدات التدخل المعروفة باسم "البوب" واحدثت في عهد الطاهر بلخوجة وزير الداخلية ومهمتها الأصلية مقاومة التصدي للمظاهرات والتحركات.
وجل هذه الإدارات أساس عملها التسيير العام لشؤون المواطنين وليس لها دخل بالشأن السياسي.
وإثر الثورة وللإضطرابات التي سادت البلاد تداول على الوزارة العديد من الأسماء التي حاولت القيام بإصلاحات صلبها لكن قصر فترة تعيينها حالت دون ذلك.
فحين عين السيد فرحات الراجحي وزيرا للداخلية اتخذ خطوة اعتبرها البعض خطوة جريئة والبعض الآخر في غير محلها ، فقد قرر السيد فرحات الراحجي إلغاء إدارة أمن الدولة ظنا منه أنه القرار الأصلح تماشيا مع متطلبات الثورة المجيدة غير أن أباطرة الوزارة والمسيطرين على دواليبها حاربوه مما حدى به إلى تقديم استقالته.
ثم عين الحبيب الصيد وهو من أبناء الوزارة ورئيس ديوانها في عهد بين علي وزيرا للداخلية خلفا للسيد فرحات الراجحي.
وبعد وصول حركة النهضة إلى الحكم تم تعيين السيد علي العريض وهو أحد أبناءها وزيرا للداخلية ظنا منها أنها ستسيطر على البلاد والعباد وبعد مرور 10 أشهر من توليه الوزارة يتساءل المرء ماذا تغيير في وزراة الداخلية في عهد النهضة ؟ هل تم تطهيرها من مجرميها ؟ هل تم بسط الأمن في البلاد ؟ هل تم تعيين الأكفء والأصلح ؟ هل طوينا صفحات التعذيب ؟ هل أصبح الأمن جمهوري ؟ هل أصبح المواطن عندما يدخل المراكز الأمنية يحس بكرامته ؟ هل... ؟ هل.... ؟
وقبل الإجابة عن كل هذا وجب  إبراز مدى صواب القرار الذي اتخذه السيد فرحات الراجحي حول إلغاء إدارة أمن الدولة من عدمه. فمن وجهة نظري الخاصة أعتبر أنه قرار غير صائب وفي غير محله لاحتواء هذه الأخيرة على عناصر تتمتع بتدريب فائق الجودة وخبرة طويلة خاصة في مجال المخابرات وكان من الأصلح محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه وذلك بتغيير العناصر الفاسدة التي تورطت في أعمال فساد كمرحلة أولى ثم اعادة هيكلتها لمواكبة التغييرات التي طرأت على البلاد إبان الثورة غير أن اتخاذ هذا القرار كان على إثر تدخل بعض الأطراف التي كانت مصلحتها تقتضي اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية حتى لا تكشف ملفات تورطهم في الجوسسة والعمالة للخارج أمثال كمال اللطيف الذي أوعز للحقوقية سهام بن سدرين للقيام بالحملة لصالح الإلغاء هذا مع الإشارة أن السيد حمة الهمامي في فترة البحث عنه من طرف الأمن في عهد بن علي كان متخفيا بمنزل كمال اللطيف ومتنقلا بينه وبين منزل سفير فرنسا بتونس.
وفي 17 ديسمبر 2011 عين علي العريض على رأس وزارة الداخلية وهذا التاريخ كان فيصلا هاما في حياة هذا الأخير حيث وقبل 21 سنة وفي يوم 17 ديسمبر 1990 بلغت فيها اعتقالات الاسلاميين ذروتها وشملت كل الفئات من القاعدة الى القمة وكانت فترة شهدت اعتقال أهم قيادات النهضة ومن بينهم علي العريض الذي عانى الأمرين من النظام الظالم لبن علي وسجن لمدة ستة عشر سنة وكنت شخصيا أنتظر مشاهدة الكثير من الإصلاحات والتطهير الفعلي لرموز الفساد من لدنه صلب الوزارة غير أن ما حدث خيب الأمال لدى الكثيرين ممن عرفوا علي العريض عن كثب فقد كان منتظرا ممن عايش الظلم والإضطهاد والتعذيب أن يكون صوت الحق ويد العدل عندما وصل إلى مركز السلطة وعوض أن يعمل على ارساء نظام عادل وترسيخ أفكاره الإصلاحية والبناءة استقطب من لدن أباطرة الوزارة الفاسدين وأصبح بوقا من أبواقهم.
فبعد الثورة انقلبت موازين القوى في وزارة الداخلية على إثر إلغاء إدارة أمن الدولة التي كانت مهتمة بالملف السياسي وبذلك سحب البساط من تحت قدمي إدارة المصالح المختصة المهيمنة على الوزارة في عهد بن علي وكلفت الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية التابعة لإدارة الأمن العمومي بهذا الملف بالرغم من جهل عناصرها لمجريات الأبحاث الخاصة به إضافة إلى أنهم عرفوا بدمويتهم وتفننهم في استنباط أبشع أساليب التعذيب والقمع وما زاد الطين بلة هو تعيين  أحد جلادي الفرقة المدعو علي عبد الله أصيل مدينة عقارب مديرا لها والحال أن مكانه الطبيعي سجن المرناقية وأصبح الماسك بالوزارة والذي يشعر أنه بيده مصير المواطنين وان الحكومة تحت رحمتهم هم فرق التدخل والشرطة العدلية التي أصبحت مكلفة بتحرير المحاضر فيما يخص المناوئين للدولة.
وهنا يجرنا الحديث إلى الأخطاء التي ارتكبت بعد تولي علي العريض مقاليد وزارة الداخلية وخاصة في ما يخص التعيينات التي حدثت بالمناصب العليا.
فمستشاري الوزير الأمنيين وهما فتحي البلدي والطاهر بوبحري ، الأول كان عون أمن عادي تم ايقافه بعد اكتشاف انتمائه للمجموعة الأمنية لحركة النهضة والثاني كان مجرد طالب لما اكتشف أمره لانتمائه لنفس المجموعة وفر للخارج هروبا من الاعتقال ، وعليه فمن غير المعقول اسناد منصب هام لأشخاص غير عارفين بأبسط قواعد العمل المخابراتي والأمني.
كما تم تعيين عبد المجيد البوزيدي مديرا عاما للأمن الوطني والحال أنه كان من خاصة الخاصة لبن علي وتنقل بين جل الإدارات المهتمة بملف سلامة أمن الدولة ومكلف بالتنسيق بين المصالح المختصة وبن علي شخصيا وهذه هي المعادلة الصعبة.
كما تم تعيين وحيد التوجاني مديرا عاما للأمن العمومي هذا الذي تقلد العديد من المناصب في عهد بن علي والمتورط في العديد من قضايا التعذيب والرشوة والمنصب الذي استفاد منه أكثر من غيره هو رئيس منطقة الأمن بالكاف حيث استعمل زوجته للتحيل على أهالي المنطقة بجعلها تصدر صكوك بدون رصيد ولتجنيبها المسائلة القانونية قام بفبركة شهائد طبية تفيد عدم تحملها المسؤولية الجزائية وقد أقامت لمدة أسبوع واحد بمستشفى الرازي ثم غادرته بعد أن تحصلت على شهادة تفيد عدم صحة مداركها العقلية.
فبوجود هذه الأسماء ومن البديهي أن تكون لها حاشيتها فمن غير المستغرب العودة إلى الأساليب القديمة واستعمال التعذيب الجسدي والنفسي في جل الملفات بالمراكز الأمنية والسجون.
ففي عهد وزير الداخلية والأمين العام المساعد لحركة النهضة الحاكم الفاعل في البلاد زهقت أربعة عشر روحا في مدة لا تتجاوز العشرة أشهر وجلهم من الإسلاميين أي أنه إذا حكمت حركة النهضة مدة 23 سنة فسيكون في رصيدها أكثر من 300 قتيل وهذه هي نتيجة اختياراته للمسؤولين بالوزارة بينما طيلة فترة حكم بن علي الممتدة 23 سنة من 7 نوفمبر 1987 إلى 17 ديسمبر 2010 وحسب آخر احصائيات المنظمات الحقوقية العالمية تسبب في قتل 49 مواطنا تونسيا أما بالاغتيال أو بالتعذيب أو نتيجة اهمال صحي بالسجون التونسية وبحكم منصبه فهو المسؤول الأول على أرواحهم أمام الله وأمام القانون وبعملية حسابية بسيطة فإن معدل الأرواح التي زهقت لا تتجاوز الاثنتين سنويا.
على إثر شهادة أحد أعوان الأمن بمشاهدة المرحومين الشابين السلفيين  البشير القلي ومحمد البختي أمام السفارة الأمريكية على خلفية الأحداث التي جدت بها تم ايقافهما وتعبيرا عن احساسهما بالظلم الذي سلط عليهما دخلا في اضراب جوع أدى إلى وفاتهما وهنا واستغلال للموقف رفعت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية شعار "ديقاج" في وجه نور الدين البحيري وزير العدل وذلك يوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 أمام مقر وزارة العدل. وهذه الشبكة المذكورة تضم جمعيات تابعة لحركة النهضة وهذه الحركة المناهضة لوزير العدل جاءت بتحريض من بعض قيادات حركة النهضة الذين يطالبون برأس نور الدين البحيري وهذه إشارة لبداية حرب الأجنحة تحضيرا لخلافة راشد الغنوشي رئيس الحركة وبالرغم من أن وزارة الداخلية متورطة ضمنيا في وفاة الشابين.
إن التداخل بين وزارة الداخلية وحزب حركة النهضة ليس أمرا محمودا ينتهي الى تعطيل مؤسسات الدولة.
وما يؤكد التداخل بين الوزارة والحركة ما حدث في ذكرى احياء أحداث 9 أفريل بشارع الحبيب بورقيبة وجود مجموعات تابعة لمكاتب حركة النهضة من جهة وأفراد ينتمون إلى ما يسمى بالرابطة الوطنية لحماية الثورة تعاضد أعوان الأمن في قمع المحتجين والتصدي بعنف شديد وبقمع وحشي لمتظاهرين سلميين وأحد هؤلاء عبد السلام التوكابري الذي يرأس مجموعة من أبناء الحركة مهتمة بالإعلام الالكتروني وتقوم بإنزال الأخبار الكاذبة والزائفة عن المعارضين وبقطع النظر على النية الحقيقية من وراء تنظيم التظاهر في مكان أعلن سابقا بأنه يمنع فيه التظاهر وأن هذا القرار وضع التحضير له بدقة وهدفه إرباك سير الحكومة وضرب علي العريض والأصل في الأمور أن أعوان الأمن قادرين بمفردهم على فرض احترام القانون وأن أطرافا من كلا الطرفين سعوا ونجحوا في توريط علي العريض باتخاذه قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة وتجريد هذا المكان من رمزيته بعدما احتضن أهم حدث في تاريخ تونس بعد استقلالها ألا وهو يوم 14 جانفي 2011 تاريخ الثورة التونسية.
وكان حري بعلي العريض أخذ العبرة من هذا الدرس وعدم اعادة الخطأ مرة ثانية وذلك بفصل سياسة الوزارة عن سياسة الحركة والأخذ بزمام الأمور حتى لا تستفحل الأوضاع وتكون هذه المرة النتائج وخيمة لكنه ترك الأمور تسير على نفس الوتيرة دون أن يحرك ساكنا وهذا ما زاد من طغيان أفراد من الرابطة الوطنية لحماية الثورة بتدخلهم في كل شأن بطريقة هامشية ومتوحشة وصلت إلى حد الإعتداء بالعنف الشديد على أحد أبناء جهة تطاوين المدعو لطفي نقض والمنتمي لحركة نداء تونس في مقر عمله على مرئ ومسمع من الأمن مما أدى لوفاته.
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فقد تمادى المنتمون للحركة في استعمال سلطتها لمنفعتهم الشخصية أمثال زبير الشهودي ، الذي كان مجرد تلميذ في سنة 1991 بالمعهد الفني 9 أفريل يزاول تعليمه بالشعبة المهنية ميكانيك سيارات وكان حديث العهد بالصلاة بجامع الفتح بتونس العاصمة دفعه الحماس والتهور الى المشاركة في عملية حرق سيارة للشرطة راسية أمام المعهد المذكور مما جعله يقضي أربعة عشر سنة سجنا تعرف خلالها على بعض قيادات حركة النهضة ومنهم علي العريض. وبعد قضائه لفترة العقوبة وخروجه من السجن عمل في مجال العمل الاجتماعي التابع لحركة النهضة مع السيد صالح بن عبد الله البوغانمي إلا أن سوء تصرفه في الموارد وتشكي عائلات المساجين من عدم وصول المساعدات تكاثرت حوله الشكوك مما حدى بالسيد علي العريض للإستعانة به في قضاء بعض شؤونه المتعلقة بالحركة نظرا للمراقبة الأمنية الشديدة المفروضة عليه ولإبعاده عن العمل الاجتماعي الذي كان يقوم به.
وبعد الثورة والإعلان على الهيئة التأسيسية لحركة النهضة تم اقحامه بها وأسندت إليه مهمة شؤون مكتب الشيخ راشد الغنوشي علما وأنه لا يتقن حتى لغة الضاد وأصبح بذلك عين علي العريض التي لا تنام في مكتب الشيخ راشد لكنه استغل هذا المنصب لمصلحته الشخصية وذلك طلب مقابل لتسهيل مقابلة الشيخ راشد الغنوشي لكل قاصد يريد مقابلته لقضاء شأن من شؤونه والمثير في الأمر أن ابتزازه لطالبي المقابلة تنوع من شخص لآخر حيث تمثلت في هدايا وعطايا من غذائية إلى مالية ولم يقتصر الأمر على ذلك بل قام بتوصية من مشغليه من أحد أجنحة الحركة بالمساهمة في تدليس نتائج انتخابات مؤتمر المهزلة الأخير للحزب بالإضافة  إلى تدخله في التعيينات في الوظائف السامية بالدولة
والأخطر من ذلك أن يستغل معرفته بالسيد وزير الداخلية علي العريض ويتخصص في تحطيم معارضي الحركة بتعلة أن هناك تسربات أتته من وزير الداخلية أن فلان أو علان كان يتعامل مع الأجهزة الأمنية في عهد بن علي وقد وصلت به الدناءة إلى التطاول على عمالقة الحركة المتخالفين معها في أطروحاتها وطريقة عملها قبل انتخابات المجلس التأسيسي طائفا من مكتب إلى آخر ناشرا الأكاذيب والأقاويل على الشيخ عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي.
أما قبل الثورة فقد تم تجنيده من طرف مدير إدارة الأبحاث الخاصة بالإدارة المركزية للإستعلامات محمد الناصر وتم ربط الصلة بينه وبين عون الاستعلامات (ق- ز) لتسلم كل المعلومات المتعلقة بالحركة بحكم قربه من علي العريض ولم تنقطع الصلة حتى بعد الثورة بأعوان محمد الناصر إذ جند مجددا ليكون عينا لهم لمعرفة تحركات الشيخ راشد الغنوشي بحكم المنصب الذي يشغله بمكتب الشيخ وفي صورة امتناعه عن القيام بالمهمة فسيقع فضحه.
والأسعد الجوهري الذي عين عضو في مجلس الشورى بحركة النهضة بالرغم من علاقته المشبوهة مع المدعو كمال اللطيف ولقاءاته السرية بالبحيرة به بعد الثورة كما أنه يعتبر المستشار السري لوزير العدل مع أنه في مشاورات تحضير قائمة الهيئة التأسيسية لحركة النهضة هدد علي العريض بالاستقالة من الحركة في صورة تعيينه صلبها لتهجمه على جل قيادات الحركة ونشر الأقاويل والأكاذيب عنهم وخاصة السيد علي العريض فقد كان له نصيب الأسد من هذه الهجمات ولكن تم فرضه في المؤتمر المهزلة من طرف راشد الغنوشي وعين بالمنصب المذكور أعلاه ويحسب على جناح هذا الأخير هذا وتعلقت بهذا الأخير عديد الأقاويل في سوء تصرفه المالي خلال عمله الاجتماعي بحركة النهضة قبل الثورة.
ولم يقتصر الأمر على الأمن العمومي في عملية التداخل هذه إذ طالت الديوانة التونسية فقد عمد المسمى منير الحناشي وهو سائق السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وشقيق وزير الداخلية إلى التدخل في الشؤون الداخلية وفي طريقة سير العمل بالديوانة بأسلوب حاشية بن علي سابقا وذلك بإخراج الحاويات والسل المتواجدة بها بالتفافه على الطرق القانونية لمنفعته الشخصية ولإنارة القارئ الكريم فإن هذا الأخير هو من منفذي العملية الاجرامية لحرق مقر لجنة التنسيق بباب سويقة سنة 1991 والتي نتجت عنها موت حارسين.
  وفي الأخير هذه لمحة عن بعض الأسماء التي علا صوتها بعد الثورة وأصبحت فاعلة في الساحة السياسية بالرغم من ماضيها الملوث والأسود.
 الاستاذ سمير بن عمر دخل الى مهنة المحاماة في  21/5/1998 كان رئيس لجنة متابعة المحاكمات السياسية التابعة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين المحسوبة على الإسلاميين  تم توظيفه من طرف جهاز امن الدولة في سنة 2000 واصبح معرف باسم "غوانتنامو" وتم ربط الصلة بينه وبين عون امن الدولة (شكري ج) ويتقاضى جراية شهرية ب 600 د كانت اخرها في ديسمبر 2010  وكلف بملف السلفية الجهادية في تونس  وكان دوره اكتشاف الخلية النائمة وفك بعض الرموز المستعصية خلال البحث عن مشغليه من خلال الموقوفين .
عطية العثموني رئيس حزب صوت الإرادة والمستقيل من حزب نجيب الشابي (الديمقراطي التقدمي ) كان منتدب من طرف جهاز أمن الدولة مكلف بمتابعة تحركات حزب هذا الأخير هذا مع الإشارة أنه كان يتعامل مع الأمن الرئاسي في شخص مديره العام السابق علي السرياطي بواسطة عن طريق محمد الفرجاوي المعروف باسم "العم حمادي" المكلف بملف المغتربين وكان يتقاضى أجرا على ذلك
ابراهيم القصاص انتدب من طرف مصلحة شؤون الحركات القومية والبعثية والشؤون العراقية والسورية بإدارة أمن الدولة عندما كان مقيما بالعراق عن طريق الملحق الأمني هناك م- م  ويعرف باسم الصادق وتواصل تعامله معهم بعد عودته إلى تونس
امال عمري تم انتدابها من طرف مدير إدارة المصالح المختصة محمد علي القنزوعي سنة 1987 وتم تسهيل هروبها من تونس عن طريق الجزائر بواسطة ص-ع ثم بعد ذلك تم زرعها في بيت الشيخ عبد الفتاح مورو لما كان مقيما بالمملكة العربية السعودية وكانت عين المخابرات فيها وأمال عمري استغلت علاقتها السابقة مع علي الزروي القيادي في الجهاز الخاص بالحركة لاستقصاء المعلومات وارسالها لمشغليها وأصبحت فيما بعد زوجته.
وللحديث صلة
حرر بتونس في  30 نوفمبر 2012
                                                                              * ناشط سياسي سجين سابق في العهدين
                                                                           الهاتف : 361.487 98   
E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr

الاثنين، 28 مايو 2012



هل أتاك حديث حادثة باب سويقة
17 فيفري 1991 المنعرج

 بقلم نبيل الرباعي *

إثر الانتخابات التشريعية التي اجريت بتاريخ 2 أفريل 1989 والتي حققت نتائج ايجابية غير متوقعة للقوائم المستقلة المدعومة من طرف حركة النهضة آنذاك ، أخذ الرئيس المخلوع قرارا بتقزيم حركة النهضة كي تصبح كالمعارضة الكرتونية بعد وضع الاتحاد العام التونسي للشغل تحت وصاية السلطة اثر مؤتمر سوسة في أفريل 1989 وكي يستطيع تنفيذ برامجه وأهدافه  لكنه تيقن من استحالة ذلك فقرر اضعافها بالضربات الأمنية وبدأت الخطة فأوعز لها عن طريق أحد رجاله المخترقين لقيادة الحركة "ص م" بأن الرئيس المخلوع قرر ضرب الحركة.
فقررت القيادة السياسية للحركة ممثلة في مجلس الشورى بأخذ الاحتياطات اللازمة وتكليف جماعة التنظيم برئاسة  عبد الحميد الجلاصي بالتحضر لذلك وتم تكليف الشيخ راشد الغنوشي بمغادرة البلاد لحماية مصالح الحركة من الخارج بوصفه رئيس الحركة . وتلاحقت الأحداث من رد ورد الفعل وأخذت قيادة التنظيم قرارا خطيرا جدا وذلك بتحرير المبادرة أي عدم الرجوع إلى القيادة المركزية بالموافقة وترك المجال لشباب الحركة لاتخاذ قرارات فردية والتصرف في مناطقهم دون الرجوع للقيادة و بتاريخ  17 فيفري  1991 وفي هذا الاطار أتتى حادث الاعتداء على مقر لجنة التنسيق للتجمع الدستوري بباب سويقة الذي كان يترأسها ابراهيم الرياحي وعندما كان عبد الرحيم الزواري  أمينا عاما للتجمع الدستوري الديمقراطي.
إن مجموعة باب سويقة والمتكونة من قسم الحفصية وقسم الحلفاوين التابعين لمنطقة الحلفاوين التي كان يشرف عليها طه بقة المعروف باسمه الحركي فيصل والراجعة بالنظر تنظيميا إلى منطقة تونس المدينة العامل عليها محسن الجندوبي . اجتمعوا وقرروا حرق مقر لجنة التنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي وتأديب ميليشيا التجمع  كرد فعل على عنف السلطة خلافا لما صرح به أحد المحكومين الذي تخلف عن المشاركة بخصوص هذه القضية على أعمدة احدى الجرائد اليومية وإن ما ذهب إليه بقوله أننا قررنا الاستيلاء على الوثائق التي تحمل أسماء أبناء الحركة لا أساس له من الصحة إذ أن دور الشعب والجامعات والعمد متمثل في جمع الوشايات وارسالها في الحين إلى الولاية وإلى القيادة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي وفرق الارشاد الامنية الموجود بالمنطقة الامنية  فبالتالي الاستيلاء على الوثائق ليس له أي فائدة لأنها موجودة في أكثر من مقر ثم أن مخابرات بن علي أصبحت لا تأخذ كل كلام ينقل على محمل الجد كما أن مجموعة باب سويقة لديها مندس في لجنة التنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي المسمى عبد الكريم المثلوثي وأصبح بعد الثورة عبد الكريم عبد السلام الذي كان قادرا على الحصول عليها دون عناء.
إن المجموعة المنفذة للعملية بحكم صغر سنها وقلة حيلتها وعدم معرفتها بالعمل السياسي أقدمت على هذا الفعل بدون قراءة نتائجه وما يمكن أن يسببه من أضرار لحركة النهضة. وبحكم عدم اتقانها لمثل هذا العمل قاموا بسكب البنزين أرضا وأضرموا النار ولم يتفطنوا لوجود حارسين مختبئين داخل مقر لجنة التنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي وعند الانسحاب قام أحد منفذي العملية  منير الحناشي وكان يلبس حذاء من نوع "بورتكان" بضرب التلفاز الذي كان موجودا بالمدخل فحصل حينها انفجار كبير مما أسفر عن تأجج النيران وكان سببا في وفاة الحارس عمار السلطاني وإصابة الثاني بحروق خلفت له تشوها وإعاقة دائمة وبعد 14 جانفي  يصبح منير الحناشي  الحارس الشخصي لنائب رئيس حركة النهضة السيد عبد الحميد الجلاصي.
وبعد انكشاف مرتكبي عملية الاعتداء وعلاقتهم بحركة النهضة تم استدعاء الأستاذ فاضل البلدي بوصفه رئيسا لمجلس الشورى العام من طرف إدارة أمن الدولة متمثلة في منصف بن قبيلة وإعلامه بعلاقة الحركة بالحادث فاستغرب ذلك وهنا اقترح منصف بن قبيلة على فاضل البلدي تقديمه للمجموعة على أنه حاكم تحقيق استدعي لسماع اعترافاتهم فكان ذلك واعترفت المجموعة بكامل التفاصيل المتعلقة بالحادث مؤكدين على أن مندوب الحركة بتونس الكبرى السيد مصطفى بن حليمة له علم بذلك ولم يعارض في التنفيذ
إن مجموعة باب سويقة قد أهدت بغبائها إلى نظام بن علي والمؤسسة الامنية التي كانت شريكة بن علي  في توظيف هذه العملية إعلاميا وسياسيا ابتداءا من عبد الله القلال وزير الداخلية و محمد علي السرياطي مدير العام للأمن الوطني الذين عين بعد حادثة باب سويقة ومحمد علي القنزوعي مدير المصالح المختصة و منصف بن قبيلة مدير إدارة أمن الدولة و فرج قدورة المدير العام للأمن العمومي  وعبد الرحمان الحاج علي مدير الأمن الرئاسي وعبد الحميد  التونسي رئيس إقليم أمن تونس ببوشوشة صاحب قاعة الافراح  بالبحيرة   TOP HAPPENS 1  الذي أقيم فيه حفل ذكرى  30 لتأسيس الحركة و الهادي بلال  رئيس منطقة باب سويقة وعبد المجيد بن خليفة رئيس فرقة الارشاد بمنطقة باب سويقة.
وبذلك أصحبت عملية  باب سويقة ذريعة لتأليب الرأي العام المحلي والدولي على حركة النهضة التي لم تستطع أجهزة مخابرات بورقيبة و بن علي إلصاق تهمة الإرهاب لها. وفي هذه الوضعية الحرجة للحركة التي أوقعتها فيها هذه المجموعة أقدم ثلاثة من خيرة ما أنجبت الحركة الإسلامية بتونس الشيخ عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي و بنعيسى الدمني بالاتفاق مع قيادة حركة  النهضة السياسية على أخذ قرار لم يكن سهلا عليهم لأن اللحظة كانت لحظة ابتلاء وفتنة من جهة وانقاذ ما يمكن انقاذه  وأصدروا بيانا بتاريخ 7 مارس 1991 في تجميد عضويتهم بحركة النهضة من جهة وينددون بالفعل وليس بالفاعل ويؤكدون أن الحركة خيارها سلمي من حيث الهدف والوسائل وكان يحدوهم أمل في  أن يكون  ذلك سببا في تراجع نظام بن علي عن مواصلة حملته و هو ما يمكن ان  تستغله قيادة التنظيم فتراجع خطتها وتكيفها تكييفا سياسيا مناسبا مؤكدين أن المسؤولية على  بعض أبناء الحركة وليس على حركة النهضة ككل.
ورجوعا إلى ما صرح به أحد محكومي أحداث باب سويقة أنهم كانوا سببا في اقصاء الشيخ عبد الفتاح مورو من الحركة فهذا يتناقض مع ما صرح به في نفس المقال أن ما تبقى من  مجموعة باب سويقة تم ابعادهم من الحركة والحقيقة أن هؤلاء كانوا ضحية التنظيم سنة 1991 وأنهم لا يزالون الآن ضحية باستعمالهم بوقا للإساءة الى الشيخ عبد الفتاح مورو فهل يمكن لمبعد من الحركة أن يمنحوه مبلغ خمسة آلاف دينار كصدقة .... وينصبوه عضوا في أول مكتب منصب  للحركة بباب سويقة وبعد ذلك يصبح ناشطا فاعلا في جمعية "مرحمة" التابعة للحركة والمشرف عليها القيادي في المكتب التنفيذي محسن الجندوبي الذي كان عامل منطقة تونس المدينة ابان الحداثة .
إن ما صرح به أحد محكومي حادثة باب سويقة أن العملية تمت في غياب قيادة الحركة وهنا أي قيادة يقصد هل هي السياسية أو التنظيمية علما وأنه لم يكن عضوا بالحركة  وأن اعتقال أغلب قيادة الحركة السياسية والتنظيمية تمت في شهر أكتوبر 1991 أي أنه في زمن الحادثة كانوا خارج المعتقلات وأن الاعتقالات الي تمت في 17 ديسمبر 1990 والتي شملت السيد علي العريض و زياد الدولاتلي كانت لها علاقة بمجموعة الحبيب الأسود  "طلائع الفداء ". والذين يدفعونه الآن للكتابة للتشهير والمغالطة بخيرة ما أنجبت الحركة من أبنائها وشيوخها إنما إرادوا الهروب من محاسبتهم على تلك الفترة خاصة وأنهم أصبحوا في الصفوف الأمامية للحركة  بعد 14 جانفي وإن بن علي لم يصادق على تنفيذ الإعدامات إلا عندما اكتشف مخطط مجموعة التنظيم عند أحد أبناء التنظيم علي الزروي الرامي إلى اغتيال بن علي باسقاط الطائرة الرئاسية عند اقلاعها من مطار العوينة بصاروخ "ستنغر" مضاد للطائرات  كلف القيادي محمد شمام بجلبه والتي أعلمت المخابرات الأمريكية بن علي بذلك عندئذ اقتنع بن علي بأن حركة النهضة ماضية في التصعيد والمواجهة وصادق على تنفيذ الإعدام في مجموعة باب سويقة كرسالة انذار للحركة وإن ما صرح به أمين عام الحركة  السيد جمادي الجبالي يعبر على صدق نوايا حركة النهضة ومضيها في العمل السلمي بالندوة الأولى يوم 07 فيفري 2011  و أن الحركة مسؤولة على أحداث باب سويقة واعتبرها أخطاء فردية من قبل شباب الحركة الذين كانوا يعانون من القمع.
ويضيف صاحب التصريح أن المسمى منصف الشلي صاحب برنامج المنظار هو الذي انتزع منهم الاعترافات وأملاهم تصريحاتهم أمام الكاميرا أثناء تصوير البرنامج بحضور ضابط أمن الدولة بوكاسا والحال أنه الذي أشرف على الأبحاث ضابط سامي بأمن الدولة المسمى عمار والمعروف باسم الماريشال تحت إشراف مدير إدارة أمن الدولة آنذاك منصف بن قبيلة وأن المسمى منصف الشلي لم يدخل أروقة أمن الدولة لكنه تسلم تصريحا المتهمين والمستجوبين من الضابط المسمى الماريشال وبالرجوع إلى حلقة برنامج المنظار الخاصة بحادثة باب سويقة يمكن التمييز بين صوت منصف الشلي وصوت من كان يستجوب المتهمين ولقلة تجربتهم في الأبحاث تم كشف كامل المجموعة في ظرف ثلاثة ساعات بعد وقوع عملية الاعتداء .
ثم أن الحكم الأول الصادر في حق المتهمين لم يتضمن حكم الإعدام لأنه صدر قبل انكشاف خطط التنظيم لكنه حور بعد ذلك خاصة وأن في تلك الفترة لا يمكن لأي قاض رفض تنفيذ التعليمات الرئاسية. ثم هل يعقل لمن لم يشارك اخوانه في تنفيذ العملية أن يسرد لنا كل هذه الوقائع.
إن ما وقع هو انفلات وخروج على مبادئ وأهداف الحركة من طرف قيادة التنظيم وإن السكوت عنه من طرف القيادات التاريخية للحركة هو عين الخطأ والذين أقصوا الشيخ عبد الفتاح مورو من الرجوع إلى الحركة بعد 14 جانفي 2011 خشية محاسبتهم على قيادتهم للحركة إبان الحملة 1991 والتصارع على المواقع وإن ما أقدمت عليه مجموعة المبادرة سنة 1991 بقيادة الشيخ عبد الفتاح مورو ليس هو السبب الأصلي لإقصائهم والدليل على ذلك التحاق الأستاذ نور الدين البحيري علنا بقيادة الحركة بعد 14 جانفي 2011 خاصة وأنه من اللذين التحقوا بمبادرة مورو  رفقة الأستاذ نجيب بن يوسف و الدكتور صدقي العبيدي  وأعلنوا اسقالتهم من الحركة.
لقد نجح الماكرون وأعداء الحركة في استغلال هذه الحادثة كيف لا وهم من كانوا يخططون لتنفيذ عملية مماثلة وكان ذلك في عهد وزير الداخلية عبد الحميد بالشيخ ومحمد علي القنزوعي مدير المصالح المختصة أي الإدارات المختصة بالشأن السياسي" الأمن السياسي "  وبدأوا فعلا  في التخطيط لذلك وكلفوا السيد الشاذلي العياري الدستوري القديم والمتهم بخطف طائرة سنة 1972 بتدبير عملية لكسر شوكة الحركة لكن غباء مجموعة باب سويقة كانت طوق نجاة لهم.
لذلك فإن في هذه الصفحة المأساوية الأليمة تتطلب شجاعة الاعتراف بالخطأ وإن كان فرديا يتحمله بعض أبناء الحركة وليس جماعيا تتحمل مسؤوليته الحركة ذاتها ، والمهم أن المسار العام للتوجه الأساسي بقي مسارا سلميا بعيدا عن العنف وهو ما يؤهل الحركة وقياداتها إلى أن يكون لها دور وطني في بناء تونس الجديدة.
حرر بتونس في  21 ماي 2012
 
                                                                             * ناشط سياسي سجين سابق في العهدين
                                                                           الهاتف : 361.487 98   
E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr
    

الخميس، 27 يناير 2011

عودة حكومة التحالف القمعي الدستوري اليساري في عهد بن علي

عودة حكومة التحالف القمعي

الدستوري اليساري في عهد بن علي

لتكون بعده حكومة انتقال ديمقراطي

بقلم : نبيل الرباعي *

قبل الإعلان رسميا عن هذه الحكومة القديمة في ثوبها الجديد ، كاد المعلن عنها يتخلى في اللحظات الأخيرة السابقة لإعلانها مثلما تخلى رئيسه الذي تشاور معه بالهاتف بضع ساعات قبل إعلان هذه التشكيلة.

تشكيلة في جوهر مكوناتها وتوجهها السياسي العام هي تشكيلة قديمة بالية ، لكنها حاولت في الشكل وعلى سبيل المناورة والمغالطة أن تضع بعض المساحيق عليها بإدخال وجوه جديدة ، وإن تكن مهترئة ، على ركح اللعبة القادمة.

وهذه الحكومة هي في الحقيقة وبكل وضوح حكومة التحالف القمعي الذي دش نبه بن علي عهده ، تحالف بين الحزب الدستوري الحاكم وجناح انتهازي في اليسار التونسي ، وهذا التحالف عادت هذه الحكومة القديمة المتجددة في قدمها تشكيله وترتيبه لإحكام القبضة على الشارع التونسي الثائر من أجل السطو على ثورة الشعب الذي لم يهدأ سواء عند مشاورات تشكيلها أو حتى بعد الإعلان رسميا عن تشكيلها ، لأن هذا الشعب الواعي لم تنطل ولن تنطلي عليه هذه الأكذوبة وهذه المهزلة وهذه المناورة التي جمعت في بوتقة واحدة فلول النظام القمعي المتهاوي وعناصر انتهازية من اليسار التونسي التي لا يخفى على أحد توجهها القمعي وممارساتها الإقصائية الاستئصالية ، فقد هرولت هذه العناصر لانتهازية كعادتها دائما لنيل حصتها في هذه الغنيمة الجديدة استجابة لنداء الشرعية المزعومة الذي أرسلته فرنسا وهو نداء يخفي الضغط المسلط على الجميع في اتجاه تكوين هذه الحكمة والظهور بمثل هذه التشكيلة التي ظهرت عليها ، أبناء تونس الثائرة ليسوا أغبياء إلى درجة ألا يتفطنوا ويرصدوا التحركات المشبوهة الضاغطة في اتجه إجهاض ثورة الجماهير الغاضبة الرافضة.

ولكي يتضح المشهد أكثر وتتبين حقيقة هذه المناورة المهزلة يجب استحضار تشكيلة التحالف القمعي الأول بين لحزب الدستوري الحاكم وعنصر انتهازية من اليسار التونسي في بداية عهد حكم بن علي..

ثم لتقارن بين تشكيلة التحالف القديم الأول وتشكيلة التحالف القديم الثاني الذي يراد له أن يكون تحالفا جديدا من أجل حكومة وحدة !! وطنية !! يزعم أنها ستكون حكومة انتقال ديمقراطي !!!

1- تشكيلة التحالف القمعي الأول الدستوري اليساري الانتهازي :

منذ انقلاب بن علي وإفتكاك السلطة وهرولة بعض فقهاء القانون الدستوري لإضفاء شرعية دستورية على اغتصاب السلطة والذين لا يستحيون أن يظهروا وجوههم بصفاقة فائقة بمناسبة وبدون مناسبة ، هرول خلفهم وبسرعة أكبر اليسار التونسي بن علي لاحتضانه والشد على يديه الظاهرتين المتوضئتين بدماء أبناء الخميس الأسود في جانفي 1978 وهم يعرفون ذلك ولا يخفى عليهم ولم يكن ليخفى عليهم ، مبررهم في ذلك التحالف القمعي الدموي ما يطارد أذهانهم ومستقبلهم السياسي من هاجس أو شبح التيار الإسلامي الواسع الانتشار شعبيا والواجب في اعتقادهم التصدي له واستئصاله ، ولا يمكن أن يتحقق لهم شيء من ذلك إلا بالتحالف مع أجهزة حكم بن علي ، فتقرر الهرولة إليه والتعاون معه والالتفاف عليه وهو ما حصل ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك أو يتفصى منه ، فكان اكتساح اليسار الانتهازي الاستئصالي تشكيلة حكومة بن علي في أفريل 1988 بعد أقل من عام على حصول الانقلاب.

وللمتابع للمشهد السياسي التونسي عبر مختلف مراحله أن يستحضر ملامح هذه التشكيلة الحكومية المجسدة للتحالف القمعي الدستوري اليسار الانتهازي ليكتشف بكل يسر أن هذه التشكيلة تميزت بتولي المنظر الماركسي الكبير محمد الشرفي حقيبة وزارة التربية والعلوم بعد اتفاق مع رئيسه بن علي على أن يدوم مكثه على رأس هذه الوزارة خمسة أعوام على الأقل يستطيع خلالها ومن خلالها تمرير وتنفيذ برنامجه المزدوج ايديولوجيا وسياسيا ، فعلى الصعيد الايديولوجي مطاردة الإسلاميين باعتماد أسلوب تجفيف المنابع ، وهذا يحتاج إلى توضيح ليس هنا مكانه ، ذلك بالقضاء على ما تبقى من جامعة الزيتونة وحل الاتحاد العام التونسي للطلبة الذي يكاد يهيمن به الإسلاميون على الجامعات إضافة إل طرد واقصاء الإسلاميين من جميع المواقع سواء في المؤسسات التعليمية بمختلف درجاته أن في مستوى الطلبة والتلاميذ والمنتمين والمنتميات لسلك التدريس والإدارة وضحايا القمع الذي مارسه الشرفي على الإسلاميين في كل هذه المواقع والمستويات لا يخفى عل أحد ولا يستطيع أن يحجبه أحد لأن الغربال يحجب الشمس.

وأما على الصعيد السياسي ، وباختصار شديد فقد مارس الوزير الماركسي دوره القمعي خدمة لنظام بن علي الدموي بالتنظير لجملة قمع واسعة النطاق تطال الإسلاميين في كل الأماكن على كامل تراب البلاد ليرسم بذلك إطار السياسة القمعية المجمدة من طرف نظام بن علي والوزير الماركسي جزء أساسي في منظومة هذا النظام القمعي ، ومبرر وجوده في هذه المنظومة هو الالتقاء مع بن علي في القمع ، والثابت أن الذي حصل هو أن هذا الوزير الماركسي تولى بنفسه في حدود اختصاص وزارته الكبيرة آنذاك تنفيذ جزء هام من هذا المخطط القمعي الذي صفق له وباركه وساهم فيه قطاع واسع من اليسار التونسي ، كما تولى في نفس الإطار السفاح عبد الله القلال وزير الداخلية تنفيذ الجزء الدموي الأكثر مأساوية في هذا المخطط القمعي بالتنسيق المباشر مع كل من الوزير الماركسي منظر القمع وهما من نفس الجهة ويسهل التنسيق بينهما ولا أحد يمكنه أن ينكر النزعة الجهوية في العمل السياسي بتونس ، وكذلك بتنسيق كليهما أي الوزير المنظر والوزير المنفذ مع رأس النظام بن علي ، وهذا أيضا غير خاف على أحد ولا يمكن أن ينكره أو يتفصى منه أحد ، بما يتأكد معه توافق هذا الثالوث القمعي تأكيدا في نفس الوقت للتحالف القمعي الدستوري اليساري الانتهازي.

وبذلك يكون البرنامج المزدوج للوزير الماركسي ايديولوجيا وسياسيا قد أخذ مجراه نحو التنفيذ بكل مأساوية وكارثية ولا إنسانية ضد قطاع عريض من الشعب التونسي ليس من حق أحد أن يمارس ضده القمع والاقصاء والاستئصال ، ولكن ذلك حصل تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان ومكاسب الجمهورية من الهجمة الظلامية الإسلامية !!!

ولئن مثل الوزير الماركسي للتربية والعلوم الشخصية الأبرز في اليسار الانتهازي التي تولت الترسيخ والتمكين لسلطة القمع التي تأسس عليها نظام بن علي ، فإن هناك شخصيات أخرى ضالعة في هذا التوجه القمعي كانت جزءا هاما وأساسيا من هذا التحالف القمعي الدستوري اليساري تذكروا فقط أسماء مثل منصر الرويسي – أحمد السماوي – الصادق رابح وغيرهم ، علاوة على الشخصيات التي تدعم هذا التيار الاستئصالي داخل حكومة التحالف القمعي في بداية عهد بن علي وطوال العشرية الأولى منه ، فهل سيختلف الأمر عندما نمعن النظر في تشكيلة حكومة التحالف الجديد.

2- تشكيلة حكومة التحالف الجديد القديم :

هذه الحكومة المعلن عنها مشكلة من جناحين رئيسيين يتداخل بينهما بعض العناصر التائهة التي جيء بها لإضفاء شيء من شرعية مفقودة على حكومة تقوم حاليا بالسطو على ثورة الشعب ، فهذه التشكيلة هي تشكيلة توزيع غنائم في شكل حقائب وزارية تدافع إليها جياع الانتهازيين تدافع الجياع قديما إلى موائد الإفطار ، ولهم في هذه الهرولة وهذا التدافع تبرير ، فقطار العمر يقترب من الوصول إلى المحطة النهائية دون أن يتمكن أغلبهم من الظفر بالغنيمة ودون أن يعاود بعضهم الحصول مجددا على الغنيمة ، خاصة وأن معدل أعمار هذه التشكيلة يتراوح بين 65 و 71 و80 عاما.

لقد جاء هذا التوزيع للحقائب الغنائم توزيعا شبه متساو بين مكونات تحالف القمع القديم ، الحزب الدستوري من ناحية وعناصر انتهازية من اليسار التونسي من ناحية أخرى ، فالتوزيع هذه المرة للغنائم جاء أكثر توازنا بين طرفي التحالف.

فالطرف الدستوري الممثل لفلول بقايا النظام المتداعي ، كان من نصيبه الوزارة الأولى ووزارات السيادة وعديد الوزارات الأخرى بما يصل مجموعه إلى نصف عدد الحقائب ، أما الطرف اليساري الانتهازي فقد حاز تقريبا النصف المتبقي ، وعليكم أن تستعرضوا بعض الوجوه التي غنمت حقائب وزارية :

1- منصر الرويسي ، اليساري الدستوري العائد وزير أساسي في تشكيلة التحالف القديم وها هو يعود دون أن يتفطن إليه أحد

2- البقية : أحمد إبراهيم حزب التجديد الشيوعي ، أحمد نجيب الشابي ، الطيب البكوش ، عبد الجليل البدوي (قيل أنه استقال ولكن لا يغير من الأمر شيئا) حبيب الديماسي (كذلك) فوزية الشرفي (أرملة الوزير الماركسي محمد الشرفي) أنور بن قدور (صهر الوزير الماركسي محمد الشرفي) (هل هو الانتقال من عائلة بن علي إلى عائلة الشرفي) ؟! وأسماء أخرى يمكن مراجعتها في قائمة التشكيلة..

والمهم أليست هذه التشكيلة في الجوهر إعادة لتشكيلة حكومة التحالف القمعي القديم بمساحيق ديمقراطية جديدة في مستوى الشعارات المعلن عنها في محاولة لإضفاء شرعية مفقودة على حكومة سرقت ثورة الشعب ، ولتمرير حربوشة حكومة الوحدة الوطنية وما هي بحكومة وحدة وطنية طالما رافقها الاقصاء والاستثناء منذ لحظة الإعداد لولادتها ، والسؤال هل تجهض حكومة التحالف القمعي الجديد ثورة الشعب ؟ أم هل أن الثورة ستزلزل الكراسي من تحت إليات عناصر هذا التحالف الحكومي الدستوري اليساري القمعي الانتهازي ؟؟

الساعات القريبة كفيلة بالاجابة الحاسمة عن ذلك ، أما عن بعض الذين تورطوا بهرولة انتهازية في الانضمام إلى هذه التشكيلة حتى وإن أعلن بعضهم الاستقالة فالتورط المضاد للشعب قد حصل ولا يمسحه الإسراع بإعلان الاستقالة ، ما هذا المستوى ؟ وما هذه الحسابات السياسية السخيفة والمفضوحة...

وسؤال آخر ، إذا كان الضغط الخارجي وتحديدا الضغط الاستعماري الفرنسي قد نجح في صياغة تشكيلة التحالف القمعي القديم الجديد ، فهل يصمد هذا التحالف أمام وهج ثورة الشعب ؟

كفى الشعب التونسي اعتمادا على الخارج وانتهاجا لأسلوب الاقصاء والاستثناء ، ثورة الشعب تريد الحرية للجميع بلا إقصاء ولا استثناء...

شعب متحضر يتسمع صدره لجميع أبنائه من كل الأطياف والتوجهات.

ليس من حق أحد أن يفرض وصايته على إرادة الشعب...

* نبيل الرباعي ناشط سياسي

http://rebainabil.blogspot.com

E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr

الهاتف : 487 361 98